أول اللَّيْل طرفا وَغَايَة للصيام كَمَا يفِيدهُ لَو قَالَ آخر الصّيام وغايته اللَّيْل لِأَن لَفظه إِلَى مَوْضُوعَة للغاية فايجاب صَوْم أول اللَّيْل يخرج أَوله من أَن يكون طرفا مَعَ أَن الْخطاب يفِيدهُ وَفِي ذَلِك كَونه نسخا حَقِيقَة لَا يقبل فِيهِ خبر وَاحِد وَلَا قِيَاس لِأَن نفي وجوب صَوْم أول اللَّيْل مَعْلُوم بِدَلِيل قَاطع فَأَما لَو قَالَ الله عز وَجل صلوا إِن كُنْتُم مطهرين فانه لَا يمْنَع أَن يقبل خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس فِي إِثْبَات شَرط آخر الصَّلَاة لِأَن إِثْبَات بدل للشّرط لَا يُخرجهُ من أَن يكون شرطا إِذْ لَا يمْتَنع أَن يكون للْحكم الْوَاحِد شَرْطَانِ وَلَيْسَ كَذَلِك إِثْبَات صَوْم جُزْء من اللَّيْل لِأَن ذَلِك يخرج أول اللَّيْل من أَن يكون غَايَة وَأما نفي كَون الشَّرْط الآخر شرطا فَلم نعلمهُ بِالسَّمْعِ وَإِنَّمَا علمناه بِالْعقلِ فَلم يكن رَفعه رفعا لحكم شَرْعِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي النُّقْصَان من شُرُوط الْعِبَادَة وأجزائها هَل هُوَ نسخ مَا عداهُ أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَنه لما كَانَ الْغَرَض بِهَذَا الْبَاب ذكر النُّقْصَان من شُرُوط الْعِبَادَة وأجزائها وَجب أَن نذْكر أَولا مَا شَرط الْعِبَادَة وَمَا جزؤها فَشرط الْعِبَادَة مَا يقف صِحَّتهَا عَلَيْهِ وَهُوَ ضَرْبَان احدهما جُزْء مِنْهَا وَالْآخر لَيْسَ بِجُزْء مِنْهَا فالجزء مِنْهَا هُوَ وَاحِد مِمَّا هُوَ مَفْهُوم من الْعِبَادَة كالركوع وَالسُّجُود وَمَا لَيْسَ بِجُزْء فَهُوَ مَا لم يكن وَاحِدًا مِمَّا هُوَ الْمَفْهُوم من الْعِبَادَة كَالْوضُوءِ مَعَ الصَّلَاة وَلَا خلاف فِي أَن النُّقْصَان من الْعِبَادَة هُوَ نسخ لما أسقط مِنْهَا
وَاخْتلفُوا هَل هُوَ نسخ لغيره أم لَا فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن إِن نسخ شَرط من شُرُوط الْعِبَادَة أَو جُزْء من أَجْزَائِهَا لَيْسَ بنسخ الْعِبَادَة وَقَالَ إِن نسخ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس لَيْسَ بنسخ للصَّلَاة وَلَا نسخ صَوْم عَاشُورَاء نسخ للصَّوْم أصلا وَقَالَ عِنْد ذَلِك إِن مَا كَانَ من شُرُوط الصَّوْم وَمَا لم يكن من شُرُوطه لَا يلْحقهُ النّسخ فَلذَلِك لما جَازَ صَوْم عَاشُورَاء بنية غير مبيتة لم يكن ذَلِك مَنْسُوخا وَثَبت مثله فِي شهر رَمَضَان