علمنَا أَن ثبات الْوَاحِد للعشرة مَنْسُوخ وَإِن كَانَ ذَلِك غير مُصَرح بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ نبه عَلَيْهِ فصح أَن الْقيَاس ينْسَخ النَّص وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ فِي الْآيَة المنسوخة ثبات الْوَاحِد للعشرة فَيكون هَذَا التَّنْبِيه قد نسخه فان كَانَ ذَلِك مَعْلُوما من قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} من حَيْثُ كَانَ ذَلِك يُفِيد أَن يثبت كل وَاحِد بِإِزَاءِ عشرَة حَتَّى يكون الْعشْرُونَ بِإِزَاءِ مِائَتَيْنِ فمفهوم ايضا من قَوْله {فَإِن يكن مِنْكُم مائَة صابرة} ثبات الْوَاحِد للاثنين لِأَنَّهُ لَا يكون مائَة بِإِزَاءِ مِائَتَيْنِ إِلَّا وكل وَاحِد مِنْهُم بِإِزَاءِ اثْنَيْنِ وَيبين ذَلِك أَنه ورد عقيب قَوْله {الْآن خفف الله عَنْكُم} يُفِيد رفع ثبات الْعشْرين للمائتين والا لم يكن التَّخْفِيف حَاصِلا وَقد قيل إِن ثبات الْوَاحِد للعشرة مَفْهُوم من الاية المنسوخة من فحوى القَوْل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب نسخ فحوى القَوْل وَوُقُوع النّسخ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أما وُقُوع النّسخ بِهِ فَجَائِز لِأَنَّهُ إِن كَانَ قَول الله عز وَجل {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} يدل من جِهَة اللُّغَة على الْمَنْع من الضَّرْب فاللفظ الْمُفِيد للشَّيْء من جِهَة اللُّغَة يجوز أَن يَقع النّسخ بِهِ وَإِن كَانَ يدل عَلَيْهِ من جِهَة الأولى فَهُوَ آكِد من اللَّفْظ فَجَاز وُقُوع النّسخ بِهِ أَيْضا وَيجوز أَن ينْسَخ الأَصْل والفحوى إِن كَانَا مِمَّا يجوز نسخهما وَأما نسخ الأَصْل فانه يُفِيد نسخ الفحوى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يثبت تبعا لَهُ فاذا ارْتَفع الأَصْل ارْتَفع مَا يتبعهُ وَيجوز أَن تدل دلَالَة على ثُبُوت الفحوى فَلَا يحكم بِثُبُوتِهِ إِذا ارْتَفع الأَصْل إِلَّا لدَلِيل مُسْتَأْنف فَأَما