المعتمد (صفحة 402)

فان كَانَ فِي حَال حَيَاته فَلَيْسَ يمْتَنع رَفعه بِالنَّصِّ وبالقياس أما بِالنَّصِّ فنحو أَن ينص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على تَحْرِيم الْبر وينبه على أَن عِلّة تَحْرِيمه الْكَيْل ويتعبد بِالْقِيَاسِ ونعمل بذلك ثمَّ ينص على إِبَاحَة الْأرز وَيمْنَع من قِيَاسه على الْبر وَأما نسخه بِالْقِيَاسِ فبأن تكون الْمَسْأَلَة بِحَالِهَا إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَص على إِبَاحَة بعض المأكولات وَنبهَ على أَن علته كَونه مَأْكُولا بأمارة هِيَ أقوى من الأمارة الدَّالَّة على أَن عِلّة تَحْرِيم الْبر هِيَ الْكَيْل فَيلْزم من ذَلِك قِيَاس الْأرز على ذَلِك الْمَأْكُول فَأَما الْقيَاس الْمُسْتَفَاد بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ يمْتَنع نسخه بِنَصّ كتاب أَو سنة متجددين لتعذر ذَلِك بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيجوز نسخه فِي الْمَعْنى بِنَصّ مُتَقَدم وباجماع وبقياس أما بِالنَّصِّ فنحو أَن يجْتَهد بعض النَّاس فَيحرم شَيْئا بِقِيَاس بَعْدَمَا اجْتهد فِي طلب النُّصُوص ثمَّ يظفر بِنَصّ بِخِلَاف قِيَاسه أَو يجمع الْأمة على خلاف قِيَاسه أَو يظفر هُوَ بِقِيَاس أولى من قِيَاسه فَيلْزم فِي كل الْأَحْوَال ترك قِيَاسه الأول وَلَا يُسمى ذَلِك نسخا لِأَن الْقيَاس الأول إِنَّمَا عمل بِهِ بِشَرْط أَن لَا يُعَارضهُ قِيَاس أولى مِنْهُ وَلَا نَص وَلَا إِجْمَاع هَذَا إِنَّمَا يتم على القَوْل بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب لِأَن الْقَائِل بذلك يَقُول إِن هَذَا الْقيَاس قد تعبد بِهِ ثمَّ رفع فَأَما من لَا يَقُول كل مُجْتَهد مُصِيب فانه لَا يَقُول قد تعبد بِهِ فَلَا يُمكن نسخ التَّعَبُّد بِهِ

فَأَما وُقُوع النّسخ بِالْقِيَاسِ فَلَو حصل لَكَانَ إِمَّا أَن ينْسَخ قِيَاسا آخر وَقد تكلمنا فِي ذَلِك من قبل أَو ينْسَخ إِجْمَاعًا وَذَلِكَ لَا يجوز لِاتِّفَاق الْأمة على أَن الْإِجْمَاع أولى من الْقيَاس إِلَّا أَن يُرَاد بذلك أَن الْقيَاس على أحد الْقَوْلَيْنِ إِذا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ يرفع الْقيَاس على القَوْل الآخر فَيجوز ذَلِك وَلَا يُسمى نسخا وَلَا يجوز نسخ النَّص بِقِيَاس لِأَن الصَّحَابَة كَانَت تتْرك آراءها بالنصوص وَلِهَذَا صوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَاذًا فِي رُجُوعه إِلَى الِاجْتِهَاد إِذا لم يجد كتابا وَلَا سنة وَبِهَذَا نجيب عَن قياسهم نسخ النَّص بِالْقِيَاسِ على تَخْصِيص النَّص بِالْقِيَاسِ وقياسهم ذَلِك على نسخ خبر الْوَاحِد بِخَبَر الْوَاحِد إِن قيل أَلَيْسَ لما قَالَ الله عز وَجل {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا فَإِن يكن مِنْكُم مائَة صابرة يغلبوا مِائَتَيْنِ وَإِن يكن مِنْكُم ألف يغلبوا أَلفَيْنِ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015