عليه، فيرد عليه أنه قد لا يوجد دين على المسحوب عليه، وهذا يعني أن هذا الحمل، وإن كان يصدق في فرض، لكنه لا يصدق في فرض آخر، فهو قد يصدق إذا كان المسحوب عليه مدينًا لحامل الورقة، أما إذا كان غير مدين له، وهو ما يتصور لو أن المسحوب عليه لم يتلق بعد مقابل وفائها من الساحب, فإن ذلك لا يكون بيعًا؛ لأنه ليس ثمة دين يباع، إلا أنه لا يوجد ما يمنع من حمله على البيع من وجه آخر، وذلك بالنظر إلى مقصود المصرف من عملية الخصم، إذ مقصوده إعطاء نقود، والاعتياض عنها بنقود أكثر منها، وهذا حقيقة البيع، ولهذا قلت من قبل: إن طلب الزيادة على القرض يخرجه من عقود الإرفاق إلى عقود المعاوضة" (?).
ويقول الدكتور سامي حمود: "فإذا انتقلنا إلى ميدان الفقه الإسلامي، الذي يعتد في نظرته للعقود بالمقاصد والمعاني، فإننا نجد، بأن الهدف في عملية الخصم: هو القرض، يبدو أنه أقرب الآراء للقبول من هذه الناحية، فالمصرف لم يقصد أن يكون مشتريًا للحق الثابت في الورقة، ولا أن يكون محالًا به، وإنما قصد الإقراض، فقبل انتقال ملكية الورقة المخصومة إليه، على سبيل الضمان، فإذا حل ميعاد استحقاقها, ولم يدفع أي من الملتزمين قيمتها، فإن المصرف يعود على الخاصم بالقيمة، وهو لا يكلف نفسه، أو لا يرغب أن يكلف نفسه بملاحقة الملتزمين حتى نهاية المطاف، كما هو حاصل عمليًا" (?).
وهذا التوجيه جيد، إلا أنه يعكر عليه، كيف تكون الورقة المالية من قبيل الضمان، وقد انتقلت ملكيتها مباشرة للمصرف بمجرد التظهير؟ فهذا شأن البيع، وليس شأن الضمان، وسيأتي مزيد مناقشة لهذا، إن شاء الله تعالى.