به الألقاب أو المناصب إلا رأيته يشيل في ميزاني، وإلا وجدتني أتقيه وأنبذه.

ألفيتني أشعر أن ما بيني وبينك من قرابة الأدب ونسبه يكاد ينقصم على الأيام, والأدب ينكر الأرستقراطية ولا يعرفها، ولست أصانعك أو أتملقك فما تملك لي نفعا أو ضرا فإن أمري بيد الله ثم بيدي.

ويعز علي يا صاحبي أن أقول: إني أراهم عدوك ببعض ما فيهم، فما كدت ترجع إلى الجامعة حتى صببت نقمتك على الدكتور زكي مبارك تلميذك القديم الذي كان من حقك أن تفرح به ولكنك قطعت عيشه وحرمته وظيفته الصغيرة في الجامعة لأنك صرت ذا سلطان وأصبح بقاؤه وطرده في يديك، ووسعك أن تعاقبه على تسحبه عليك, وقد كنت أصدق أنك تفعل كل شيء إلا هذا فلما كان منك ما كان من زكي مبارك صعقت ولا أزال من هذا كالمضروب على أم رأسه، وأقسم لقد فجعتني ودفعتني إلى الكفر بالخير في هذه الدنيا وأقسم مرة أخرى أنك المسئول لا عما أصاب زكي مبارك أو يصيبه فعسى أن يكون الأمر أهون مما أظن بل عما أصابني أنا في نفسي من التحول وما اضطرم فيها من النورة.

إنك إذن من أصحاب السلطان يا صاحبي وممن يملكون أن يقطعوا أرزاق العباد أو يصلوها فلست اليوم بالأديب الذي عرفته وأحببته وأجللته وحدثت للناس عن رجولته ومروءته وحسن شمائله، وإنما أنت رجل يدني ويقصي، ويرزق ويحرم، ويطعم العيال أو يجيعهم، ويضرب اليد التي ترتفع باللقمة إلى الفم فيطيرها ويوقعها على التراب لتلتقطها الكلاب والقطط ويأباها على أخيه الإنسان.

وإني لأحدث نفسي أحيانا بأني لو كنت أقول الشعر في هذه الأيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015