وأنشدني القاضي الفقيه أبو الحسن صالح المذكور، قال: أنشدنا الفقيه القاضي أبو الحسن بن أضحى:
أزِفَ الفِراقُ وفي الفؤاد كُلُوُم ... ودنا التَّرحُّل والحِمامُ يَحومُ
قُل للأحِبَّة كيفَ أنعُم بعدَكم ... وأنا المُسافر والفؤادُ مُقيم
قالوا الودَاعُ يَهيجُ منكَ صبابةً ... ويُثِيرُ ما هو في الهَوى مَكْتوم
قلتُ اسمحوا لي أنْ أفوزَ بنَظْرة ... ودَعُوا القيامة بعد ذاكَ تَقوم
وحدثني شيخنا المذكور آنفا قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن العربي وأملاه علي، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك التنيسي الصوفي قال: خرجنا مع شيخنا أبي الفضل بن الجوهري بخبب عميرة لتشييع الحاج ووداعه على العادة، فبتنا معهم. وحين أصبحنا وأثيرت الجمال وقوض الناس للرحيل إذا بفتى شاب حسن الوجه عليه شحوب واصفرار، وهو يشيع الهوادج هودجاً هودجا، حتى فنيت الهوادج ومشى الحاج، وهو يقول أثناء تردده عليها، ونظره إليها:
أحُجّاجَ بيت الله في أيّ هودج ... وفي أي خِدر من خُدوركُم قَلبِي
أأبقىَ رهينَ الجسم في أرض غُربةٍ ... وحاديكُم يحدُو بقَلْبي مع الرَّكب