الثانية: إِذا كان بعدها "لا"، سواء كانت: نافيةً، كقولك: "أَرْجُو ألا تَهْجُرنِى". أو صِلة: كقول موسى: {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه: 92، 93]. وكقوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} الآية [الحديد: 29]. فإِن المراد -والله أعلم-: ليعلمَ أهل الكتاب. وكقول نبينا الأعظم -صلوات الله عليه وعليهم- لما استفهموه عن العَزْل فقال: "لا عَلَيْكُمْ أَلَّا تفعلوا" (?). وكقول الشاعر:
وَمَا أَلُومُ البِيض أَلَّا تَسْخَرا ... إذا رَأَيْنَ الشَّمَطَ المنوَّرا (?)
وتقدم أن من ذلك قوله سبحانه: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]، أي: أَن تسجدَ؛ بدليل الآية الثانية. وكذلك: {أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه: 93].
والأصل -والله أعلم-: "أَن تَتَّبِعَنِى". "أن تَفْعَلُوا"، "أَن تَسْخَرا".
فإِن لم تكن "أَنَّ" ناصبة لم تُحذف كما في آية: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ} [الحديد: 29]، فالفعل مرفوع بثبوت النون. وهذا على ما اختاره ابن قتيبة (?) وموافقوه كالحريرى (?) في "الدرَّة" (?) وصاحب