الشوقُ إليكم شديدُ البَرْحِِِ ... والوجدُ يجلُّ شرحُه عن شرحِ
صبراً فعسى سماؤه أن تصحى ... لا بدّ لكل ليلةٍٍ من صبحِ
ثم رحلنا من ذلك المكان عندما شاب مفرق الليل، وولى من الصباح مشمر الذيل، وبرز الفجر من خبائه، وبسط على العالم رداء ضيائه، فما سرنا إلاّ قليلاً حتى تلقتنا عقبة الكولك، وهي عقبة عسرة المذهب وعرة المسلك، ضيقة المدارج متشعبة المناهج، متعددة الهبوط والصعود، متزايدة التهائم والنجود، كأن نجودها صعود إلى السماء، وأغوارها نزول إلى قرار الماء، فدخلنا بها في أمرٍ عظيم، وطريق غير مستقيم، وعذاب يوم عقيم، بينا نحن في عقاب عقاب إذا نحن في مهاد وهاد، وبينما نحن في رأس جبل إذا نحن في بطن واد. نهبط فنظن أن قد بلغنا من الأرض أدناها، ونرقى فنتوهم أن قد تناولنا من السماء سهاها، ونسلك سبلاً تحار فيها القطا، ولا تهتدي إليها الخطى، ويكثر من طارقها وأن ألفها الخطأ، فهي كما وصفها أو نظيرها مولانا المقر الكريم، مولانا السيد بدر الدِّين عبد الرحيم بقوله: