بصحبتي في الظّاهر غاية السرور، والله يعلم خافية الأعين وما تُخفي الصدور)، فوصلت معه إلى الأَسْعَديّة والناصرية، وهما بسفح جبل قَاسِيُون من الصَّالحيّة، ثم أرسلت معه إلى قرية دُمَّر جماعة من الرفاق مع الأحمال، وعَنَّ لي الرجوع إلى الديار لقضاء مآرب وأشغال، وأنشد لسان الحال فقال:
أقول لصحبي حين ساروا، ترفّقوا ... لعلي أرى مَنْ بالجناب الممنعِ
وألثم أرضاً ينبتُ العزّ تربُها ... وأسقي ثراها من سحائبِ أدمعي
وينظر طرفي أين أترك مهجتي ... فقد أقسمتُ أن لا تسيرَ غداً معي
وما أنا إن خلّفتها متأسفٌ ... عليها وقد حلّت بأكرمَ موضعِ
ولكن أخاف العمرُ في البين ينقضي ... على ما أرى والشملُ غيرَ مجمّعِ
وأرجو إلهي أن يمنّ بجمعِنا ... قريباً بخير فهو أكرمُ من دُعي
فوصلتُ إلى الدّار آخر ذلك النهار، والشمس كحبيب يودّع حبيبه، وقد عراه