بجلالة قدره، ونبذ الدنيا وراء ظهره، ووضع الله له البركة في علمه وعمله وعمره، يظل يقطع ليله مستعبراً، ويهش للجهل مبتذراً، عالماً أنه سيحمد عند صباحه السرى، مع رواية ودراية وسلوك وهداية ومراتب عليّة في الزهد والولاية، قد جبل الله القلوب على محبته والنفوس على مودته:

وإذا أحبَّ اللهُ يَوماً عَبْدَهُ ... ألقى عليه محَبَّةً للناسِ

فما رمقه طرف إلاّ وأحب أن يفديه بسواده، ولا نال أحد دعوته إلاّ ورأى بركتها في نفسه وماله وأولاده، نفعنا الله تعالى به وبالصِّالحين من عباده. حَضَرَ للسلام عليّ، ثم أضافني إلى منزله وقدّم ما حضر من شهي مأكله، ثم دعا لي ببلوغ ما أرجوه، وصرف كل سوء ومكروه، وحصل له وارد بشّرني فيه بعموم الخير من سائر الوجوه، وذكر لي أنه كتب على سؤال وخالفه في ما كتب ابن بلال، وأن الشيخ أحمد الهنديّ قال: أصابا من وجه وأخطآ من آخر، ولم يفصل مجمل المقال. والسؤال مضمونه: ما الرزق الذي يحصل به للحيوان الرفق؟ فكتب ابن بلال: هو ما يؤكل حراماً أو حلالاً، وكتب هو: هو ما ينتفع به استقلالاً، فافهمته بلطف مقصد الهنديّ، ثم سألني عن التحقيق في ذلك، فذكرت له ما عندي فاستحسن ما قلته وقبّل يدي، ثم بكى وقال: هكذا، هكذا، وإلاّ فَلا، لا يا سيدي، ثم حصل لنا أنس حصل منه بكاء وأنين، وتعانق وتلازم وحنين، والله تعالى يعاملنا وإياه والمسلمين بخفي لطفه آمين.

ومنهم الشيخ المُحَقّق والإمام المدقق حسنة الليالي والأيام، وقرّة عين المسلمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015