فنزلت بذلك الجناب، وتلقيت أولئك الأحباب، فجمع الله تعالى الشمل، وله سبحانه المنّة والفضل، بالوالدة والأولاد وبقيّة الأهل، فتلقتني والدتي دامعة العين، تناديني بقُرَّة العين، وتشكوني بالانقطاع والبَين، وتحمد الله على رؤيتي قبل حين الحين، وكذلك بقيّة الأولاد والأخوات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصَّالحات:
وألقتْ عصاها واستقَرَّت بها النَّوى ... كما قَرَّ عَيْناً بالإيابِ المسافِرُ
فيا لله هنالك من صلة رحم، وشمل منتظم، وصدع ملتئم، وقلب منجبرٍ غير منقسم. وطَلَعَ نجم السعد، ويسر الله تعالى بإنجاز ذلك الوعد، وحللنا حلول الحياة بالجسم، والإعراب في آخر الاسم، فاتّقد سِرَاج الأنس في ليل ذلك التوهّم، وأومض برق التبسّم في وجه ذلك التجهّم، ومضى لنا من ذهول الألباب، ومحادثة الأحباب، ومجاذبة أهداب الآداب:
يومٌ كأنَّ نَسيمَه من عنبَرِ ... وتخالُ أنَّ أديمَه من جوهرِ
لو باعتِ الأيّامُ آخَرَ مثله ... بالعُمْر أجمع كنتُ أوَّل مُشْتَري
وقد قالوا ليس يعدل ساعة الفراق إلاّ ساعة التلاق: