وأراح النفس من روعة برده برائحة رائع عراره ورنده، وأصبحت السماء صاحية، والشّمس وإن تسترت أحياناً مسفرة ضاحية، وأركان الرفاهية غير واهية، ومعالم العافية غير عافية:

ووجوه هاتيك الرياض سوافر ... غيد تزان من المياه بأعين

والأرض تجلى في رداء أخضر ... والجو يبرز في قناع أدكن

والرُبى قد تعممت بمُلوَّنات الأزهار، وأراقم المذانب قد انسابت في مغائر الأنهار، والزمن قد استقبل آذاره، وخلع في بسيطة عذاره، وقد أشرق الجو بإشراق الخمائل والنبات، وتلك المدينة قد أحدقت بها الأنهار من سائر الجهات، ونحن نمرح في جهاتها، وتسرح العين في منتزهاتها، ونسير في مفترجات تلك الأقطار، إلى أن قضينا أكمل الأوطار، وتمتعنا من تلك المنازل الرفيعة بالحدائق الغضيّة والنسيم المعطار، بحيث تضاحك الوَرد والبهار، وتفاوح الرند والعرار، والطير قد تكلّم، والعود قد ترنم. وقد خيم السرور، وتضاعفت بتضاعيف البحر الحبور، ومضى لنا مع مولانا السيد فيه يوم حسن، وحسن يوم تممت حسنه البدور ووفيت بوفائه النذور:

يوم لنا بالبحر مختصر ... ولكل يوم مسرة فضرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015