ومنهم الشيخ النبيل العريق الأصيل، محيي الدِّين (يحيى بن بركات بن المرجانيّ، المكّي الأصل، النيّر الوجه، الأسود الشاش المشهور بابن قايماز قراباش، رجل الكمال والكلام، وصاحب الحال والمقام، ذو الأذكار المأثورة والأوراد، الشائع بين الأرْوام في أعلى مقامات الاعتقاد، بيننا وبينه صحبة وخُلَّة ومحبّة، وتودد وتردد، والله تعالى يصلح أحوالنا، ويبلغنا والمسلمين آمالنا بمنه وكرمه).
ومنهم المقام العالي، ذو المفاخر والمآثر والمعالي، الأميري الكبيري العلائي علي ابن المرحوم السعيد الشهيد مولانا السُّلطان المؤيد أحمد بن مولانا المرحوم السعيد الشهيد السُّلطان الملك الأشرف إينال، سقى الله عهدهما شآبيب الرحمة والأفضال، وحرس سعده وثبت مجده، أحلته هنالك الأقدار، واطمأنت به في تلك المدينة الدار، منعزلاً عن مداخلة الناس إلاّ بالتودد والتلطف والإيناس، حضر مُسلّماً عليَّ ومتودّداً إليَّ. وبيننا وبينه مواددات لطيفة، ومنافثات ظريفة، والله تعالى يحرس من كل سوء ذاته الشريفة بمنه وكرمه آمين.
وليكن هو آخر سردهم، وخاتمة عدهم، وواسطة عقدهم، وأمّا من دون هؤلاء فجماعة لا يحصى لهم عددا، ولا يبلغ الضابط لهم أمدا، وهذا القدر كاف، وبحصول المقصود واف، ولنرجع إلى سياق الرحلة المباركة إن شاء الله تعالى فنقول:
فلمّا استقر بنا الركاب في مدينة قُسْطَنْطِينيّة في دار مولانا المشار إليه، بعد العود من الرحلة الأزنكميدية، على ما شرح من الأحوال المرضية، نرتع في رياض مجاورة ومحاورة، ونكرع في حياض مؤانسة ومذاكرة، وَفَدَ الشتاء بقوته حاشراً عساكره وجنوده، وناشراً راياته الدكن على الوجود وبنوده، فأرسلت الرياح نشراً بين يدي الرحمة، وتتابعت الأنواء والأنداء كقطع ليل مدلهمة، وتفتحت أبواب السماء بماء منهمر، وتفجرت الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر، ووقع
الثلج، وغمر النهج، وامتلأ به الفج والمرج، وستر سواد الأرض ببيض المطارف وحاد على الربا والوهاد بتالدٍ من ذلك وطارف، كما قال السري الرفاء: