ومنهم الشيخ الإمام العَلاَّمة محمد القَلْشَانيّ قاضي الجماعة بتُونِس المحروسة عند قدومه إلى مِصْر للحج سنة ثمان وسبعين وثمانمائة تغمده الله برحمته.

ولنختم من لقيته من العلماء بمسك ختامها، ووسطى نظامها الشيخ الإمام العَلاَّمة الحبر البحر الفَهَّامة محبّ الدِّين محمد بن الغرسي خليل البصرويّ الشَّافِعيّ، سقى الله ثراه، وجعل الجنّة مثواه، قرأت عليه كثيراً، وأخذت عنه علماً غزيراً،

وأجازني بمروياته ومؤلفاته، وخصَّني بها، ودفعها إليّ هي ومسوداتِهِ جميعها في مرض موته. ومن تآليفه قطعة على المنهاج من أماكن متفرقة، وقطعة على الإرشاد كذلك، وشرح ألفية العراقيّ في علوم الحديث، وشرح ألفية البرماويّ في الأصول، وشرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، وشرح القواعد الكبرى لابن بسام، وشرح الخزرجيّة في العروض وهما شرحان كبير وصغير، وشرح المنفرجة وغير ذلك. نفعني الله بمصاحبته وتربيته ورعايته، فرحمه الله رحمة واسعة، وأمطر عليه سحائب عفوه الهامعة، هذا ما حضرني من أسماء شيوخي، وثمّ آخرون مثبتون فيما هو غائب عني الآن. وكلهم أجازني بمروياته وتأليفاته ومصنفاته وكتب لي خطة بذلك.

وأمّا ما وقع لي من تأليف، فإنه شيء يُستحى من ذكره، ويرغب في إخفائه وستره، بالنسبة إلى ما عند الفقير من العجز والتقصير، فأعلاها وأجلّها وأغلاها شرح البُخَاريّ الذي ألفته بالدّيار الرُّوميّة سنة خمس وست وتسعمائة، وشرح آخر مبسوط وصلت فيه إلى صلاة الليل، وشرح على مقامات الحَريريّ جاوز النصف، وقطعة على الإرشاد في الفقه، وشرح شواهد تلخيص المفتاح، وشرح الخزرجيّة في العروض، وإيَّاها سودت به وجه الطروس، وأفنيت به أرطالاً كثيرة من النفوس، مما يسمّى شعراً، ومما يشبه أن يُدعى نثراً، فهو شيء لا أرضى إثباته، ولا أستحسن أبياته، وإن تداولته الأقلام، وولع برقمه كثير من الأنام، فمنه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015