وظاهره، وغمرت وارداته وخواطره، فبرز في سماء الكمال بدراً منيرا، وظهر من فحول العلماء ملكاً مهيباً وسيداً كبيراً، وبلغ في فنون العلوم قصب السبق عند النضال، وصال في ميادين البلاغة الواسعة الشاسعة وجال، مظهراً ما اختفى على غيره من غوامضها ومجلّيا، ومطرزاً من إبريز ألفاظه الرائقة حللها ومحلّيا، فما من إمام وإن تقدم عصره إلاّ وتأخر عنه مُصَلّيا، وتقدم بين يديه (خاضعاً و) مسلّما:
تلك المكارمُ لا أرى مُتأخراً ... أولى بها منهُ ولا مُتَقَدّما
قد غمر ألباب الفصحاء ببحر بيانه الزاخر، وسخر بها حين سَحَرها بسحره الحلال، فنادته يا أيها الساحر يا أيها الساخر، ونهض برهاناً جليّاً ودليلاً قوياً على كم ترك الأول للآخر، من جمع الله له بين العلم والعمل، ومنحه من كل فضل فوق بلوغ الأمل، ووهبه مع شرف الذات شرف الخصال وخصال الشرف، وجعل شرفه في الخير حُجّة على من قال لا خير في الشرف:
شَرفٌ يَطلُّ على السِّماكِ وسؤدد ... كالصبح لا يسع العدا إنكاره
مولانا السيد الكريم، والسند العظيم، شيخ المسلمين بدر الدِّين أبو الفتح عبد الرحيم العبَّاسيّ الشَّافِعيّ، أدام الله تعالى إسباغ ظلاله، وأصحبه التوفيق والتسديد في سائر أقواله وأفعاله، التفضل بإجازة ولد كاتب هذه الأحرف أبي الفضل أحمد