الفصحاء والبلغاء بإعجاز فصاحته وبلاغته غاية التعجيز، وجعل العلماء ورثة الأنبياء، فورّثوهم العلم الفائق على الدّر والإبريز، وعمّهم بتوفيقه لهداية عباده وخصّهم بالتقديم والتبريز، وأظهرهم على أسرار شريعته بما مُنِحوا من صدق التصوير وحسن التمييز، وأظفرهم بآثار حكمته فلمحوا وجه الأمر والنهي والتجويز، وأرشدهم لسلوك مجاز حقيقته وأبهج بعموم كرمه المُجاز منهم والمجيز.
أحمده حمد من لم يشهد سواه من بلوغ سن التمييز، وأشكره شكر من غمرته نعمه وعطاياه من وقت النشأة وإلى حين التجهيز، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي مخلصها من فنون الهلكات، وتحلّه من حصون النجاة في حرز حريز، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وحبيبه وصفيه وخليله المختص بجوامع الكلم ذات المعنى البسيط واللفظ الوجيز، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ما نسج ديباج المعاني على منوال البَيَان حُلَلاً بديعة التفويف والتطريز، أمّا بعد:
فالمسؤول من فضل مولانا البر الإمام الأفضل، والبدر التمام الأكمل، والبحر الطّام الذي هو مع أمنه البارد العذب، والحبر الهُمَام الذي هو للأحبار رأس وغيره
كعب، ذي الحسب الصميم الظاهر، والنسب الكريم الطاهر، والجلال الباهي الباهر، والجمال الزاهي الزاهر، والكمال المتجلي في أعلى كمالات المظاهر، والفضل الذي تطفّل الفاضل على موائده، واستسقى من نمير موارده، والبيت الذي نمي على قواعد الدِّين بل نمي الدِّين على قواعده، فقام على أرفع أركان وأثبت أساس، كيف وبانيه عمّ النبي صلى الله عليه وسلم أبو الفضل العبّاس، فهو ابن عمّ من ختمت به الرسالة والنبوّة وعمته بركة العمومة الزاكية والبنوّة، فعمرت باطنه