تعالى يعاملنا وإياه بخفي ألطافه ووفي عونه وإسعافه بمنه وكرمه آمين).
هذا كله وأرباب الدولة مشتغلون بمهم الخِتَان، المتعلق بأولاد مولانا السُّلطان، وليس ثم موكب ولا ديوان، واستمر ذلك مدة وأيّاماً عدة، استوعبت غالب شهر ذي القعدة، فلما انفتح الديوان مفتتح ذي الحجة الحرام، اهتم الوزير بحاجتنا غاية الاهتمام، والتمس منا كتابة ورقة بما نطلبه، وما نحن بصدده، فكتبناها فسلّمها هو لقاضي العسكر بيده، وأكد عليه بسبب ذلك ووصى، فبادر ذلك سفر السُّلطان إلى مدينة برصاه وصحبه إبراهيم باشا الوزير الأعظم، ثم كان عودهما في أواخر شهر المحرم، وسنذكر إن شاء الله تعالى ما جرى بعد ذلك من بلوغ المرام، ثم العود الى بلاد الشَّام إن شاء الله تعالى، ولنلتفت الآن الى سياق التنقلات فى المنازل الرُّوميّة والتفضلات الرحيميّة، فأقول:
لمّا نزلت بعمارة السُّلطان محمد، وانفردت بذلك المكان المفرد، وصرت بين أهل تلك المدينة كالشامة البيضاء فى الثور الأسود، أعاني الغربة وأقاسي الكربة، لا أجد مألفاً ولا صديقاً ولا أنيساً ولا شفيقاً ولا رفيقاً رفيقا، فاستوحش قلبي، وطاش لبي، وزاد كربي، وعظم خطبي، وضاق صدري، وقلّ صبري، وترادفت عليّ هموم، وتواردت لديّ غموم، من ذلك فراق الوالدة والأولاد والأهل، وارتكاب خطة أمر لم يكن بالهين ولا بالسهل، ودخولي في أمر لم أعتده، وشأن لم آلفه ولم