يقضى بنفع الناس سائرَ يومِهِ ... ويجفوه في جنحِ الظلامِ مضاجِعُ
فينفكّ عنه يومُهُ وهو ذاكرٌ ... وينفكّ عنه ليلُهُ وهو راكعُ
فبادرته بالسلام عليه والذهاب إليه لعلمي بأنه ضعيف البُنْية، قديم السن عسر المشية، فقابلني بالرحب والترحيب، وعانقني معانقة الحبيب الحبيب، وترحّم على شيخ الإسلام وبالغ في الثناء وابتهل في الدُّعاء، ولم يدع شيئاً من أنواع الإكرام وأصناف الاحترام وأجناس التلطف في الكلام، فلم أرَ أحسن من لقائه، ولا أزين من ولائه، ولا أجلى من محادثته، ولا أحلى من منافثته، فلم أدر أأرد أم أرود، وافد على مجالس جود أو مجال سجود، وقد كان هو اجتمع بشيخ الإسلام في بلاد الشَّام حين قدمها قافلاً من الحِجَاز، وفاز بمشاهدته كل مفاز، فأكرمه وواخاه وخالله ووالاه، وشهد كل منهما في الآخر أنه ولي الله، فلبثنا عنده وقتاً نجوب في أرجاء المؤانسة ونجول، ثم ودعناه ومضينا إلى محل النزول، وأرسل هو خلف شخص من أكابر الرُّوْم، ليعلم صاحبنا الوزير بالقدوم، فأعاد الجواب بأنّه فرح بذلك وسُرَّ به، وابتهج غاية الابتهاج بسببه، وأن ميعاد الاجتماع به يوم الجمعة بكرة أو يوم الخميس عشية لتنقضي ضيافة السُّلطان بسبب مهم ختان أولاده للأمراء والينكجرية، وهذا المشار إليه هو الهمام المرتضى والحسام المنتضى، حسنة الأيام وغيث الأنام، غمام الندا الهاطل، وحِمَام العدا العاجل، ناظم شمل الفريق، وفاتح باب الأزمة والضيق، جامع أشتات المعالي ومحرز شرط الكمال،
فلم يصلح إلاّ له المقر الكريم العالي الأميري الكبير الوزير المشير العالم العادل الفاضل الكامل الممهدي