وكان لذلك الوداع موقف مشهود، ينثر فيه من الدمع لؤلؤ منضود، وينظم عقوداً في نواحي الخدود، وقلت:
موقفٌ للوداع ينثر فيه ... درر نظمت من الآماقِ
كوّنت مثلَ وجدنا في اجتماع ... وبدت مثل شملنا في افتراقِ
وقد أُسْرِجَتْ الفوانيس والخيول، وأُلجِمتْ الأفواه بما أجرت العيون من السيول، وطاشت الألباب وذَهَلَت العقول من توادع الأحباب، وصبرنا على ما هو أمرُّ من الحَيْن من معالجة شِدّة البَيْن:
مَنْ لم يكن أخذ الهوى بفؤاده ... فلقد أخذت من الهوى بنصيبِ
فرأيت أنّ أشدَّ كلِ بليةٍ ... قُضيت على أحدٍ فراقُ حبيب
-
ولقد نَظرتُ إلى الفراق فلم أجد ... للموت لو فقد الفراق سبيلا
ثم ركبت الجواد بعد أن استودعت الله تعالى جميع الأهل والوالدة والأولاد ولقد أصابني بفراقهم ما أنّه: