والأولاد إذ ذاك ثلاثة، كل منهم في أول سنّ الحداثة، أكبرهم لم يبلغ السبع ولا عرف الضُّرَ والنّفع، وهم يبكون ويتعللون بالمُحال، وينشدون بلسان الحال:
أيا أبتا لا تَرُمْ عندنا ... فإنا بخيرٍ إذا لم تَرِم
نخافُ إذا أضْمَرتَكَ البلا ... دُ نُجْفَى ويُقْطَع عنا الرَّحِم
واندفعت في سرِّي منشداً والدموع تستوقف القُطَار، وتستوكف الأمطار وتبلّ تلك الأقطار، والقلب في وَلَهٍ وعدم إشعار، عمّا عليه من إنشاد أشعار، فقلت:
ودّعتُ قلبي يومَ ودعتُهم ... وقلتُ للنوم انصرف راشدا
وقلتُ للأفراح عنّي ارحلي ... حتى تريني لهمُ شاهدا