تختطف الأبصارُ من لألائها ... تختطف الأبصارُ من لألائها

وبها من المفترجات الظريفة، والمنتزهات اللطيفة، والرياض النضرة، والمروج الخضرة، والأزهار الزاهرة، والأشجار الباهرة، ما هو نزهة النفوس، ومسرة العبوس، وبهجة الخواطر، وقرّة النواظر، ومن محاسنها أيضاً أنّ بكل بيت منها روضاً وبئراً يفيض منها الماء فيضاً:

فالجوّ رقراق الشعاع مفوفٌ ... والماءُ فياض الآتي معسجدُ

والروضُ في حلى الربيعِ كأنما ... نَطَف الغمائِمَ لؤلؤٌ وزبرجدُ

وبها من الآثار القديمة، والأعمدة العظيمة، والمعالم الجسيمة، والمراسم المقيمة، ما

يذهل الألباب، ويستولي عليها منه العَجَب العُجَاب.

فلما دخلناها في الوقت المذكور، وركنا إلى الاكتنان والوكور، نزلنا أولاً كما أشار مولانا السيد في عمارة المرحوم السُّلطان محمد، شمله الله تعالى برحمته وتغمد، فشاهدنا منها أعظم مشهد وأكرم معبد ومعهد، وخيرات تدلّ على رحمة منشئها وتشهد، وحضر خادم المكان فتفقد مصالحنا وتعهد، وأخلى لنا مكاناً متسعاً فضياً وأفرد، وفرش لنا فرشاً موطاً موطد، وبتنا هناك بأنعم ليلة وأسعد، على مهاد وطى ووطاء ممهد، غير أنّ لواعج الأشواق لا تهمد، ونيران الفراق لا تنطفئ ولا تخمد، بل تتزايد ضراماً وتتوقد، وتتأطد وتتأكد، وكلما جمعنا شمل النوم تبدد، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015