والطريقة الأخيرة، وهي التصنيف على الزوائد: خدمة جليلة لما صنف على الطرق المتقدمة: خاصة المسانيد، والمعاجم، والأمالي، وما شاكلها بما يصعب الكشف عن الحديث فيها، وقد لا يمكن إلاَّ بالاستقراء والتتبع الدقيق عن طريق قراءة الكتاب كله.
- وعندما يتم استخراج الأحاديث الزوائد في كتاب أو مجموعة كتب، على كتاب أو مجموعة أخرى، لا سيما مع الإبقاء على الأسانيد فإِن الفائدة تعظم لأن في هذا إحياءً لأصولٍ هذه الكتب التي أُخذت منها الزوائد، وتيسير أمر البحث في عصر قلَّت فيه الهمم، وكثرت الشواغل، والصوارف عن المهمات والضروريات وعلى رأسها القرب من السنة النبوية والحياة معها، فاحتاج الناس إلى تقريبها منهم أكثر ليسهل عليهم أمر العثور على ما فيها من سنن، كما حَظِيَت بعض الكتب الأصول باهتمام المحققين والناشرين، فظهرت -ولله الحمد- منذ زمن طويل، وظل بعضها الآخر مبعثرًا بين المتاحف، والمكتبات.
- وفي طور الغفلة والركود الذي انتاب المسلمين: انتقلت أفواج من مدونات وموسوعات السنة، واستقرت في العديد من المتاحف والمكتبات في بلاد الكفار والوثنيين، وأودعوها هناك في سباتٍ عميقٍ، وكانت بضاعة سهلة المَأخَذ آنذاك.
ولم يقف الحال عند هذا، بل امتدت الأيدي العابثة من لصوص التراث الإِسلامي وأعداء الدَّين إلى بعضها فاهلكته، حتى صرنا نسمع به، ونقرأ عنه، ومنه في الكتب ولا نراه. وكان من جملة ما هلك، بعض المسانيد التي صنفت في القرون الأولى ومنها، مسند بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد ابن أبي عمر العَدَني، والمسند الكبير لمُسَدّد، والمسند الكبير لأبي يَعلى المُوصلي ... وغيرها.