الجزيرة العربية ككيان واحد، أو أن يبحث في الفروق بين الحجازيين والنجديين، أو أن يرصد القواسم المشتركة بين شيعة إيران والعراق والسعودية والبحرين.
والغرب نفسه لم ينظر إلى المنطقة إلا ككتلة واحدة جرى تفتيتها وفق «اجتهاد» (سايكس ـ بيكو)؛ حينما كانت بريطانيا وفرنسا هما الدولتين الاحتلاليتين العظميين في العالم؛ ليتم إدارة المنطقة بشكل جيد يحد من القلاقل وييسر استنزافها.
وحين أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الفاعلة في العالم الآن؛ أصبح معها «اجتهاد» (سايكس ـ بيكو) جزءاً من التاريخ، وأضحى التفكير في «اجتهاد» آخر ـ يضع مصالح اليمين «النصراني الصهيوني» فوق سلم أولوياته ـ له رواج كبير لدى مراكز صنع القرار الصهيو ـ أمريكي. والقصة قديمة، بدأت حينما خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية قوة عظمى، فغدت تشجع الثورات «الاستقلالية» في المنطقة، وتمد نفوذها الاقتصادي عبر احتكاراتها النفطية في المنطقة العربية، لكنها تبلورت بصورة واضحة حين تراءى للولايات المتحدة الأمريكية أنها أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم؛ حيث عمل واضعو استراتيجياتها على رسم ملامح مرحلة (سايكس ـ بيكو) الثانية، ولعل أبرز ما رشح إلينا من ملامح تلك المرحلة؛ هو خريطة الشرق الأوسط الجديدة التي تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على المنطقة، والتي تتضمن تقسيماً جديداً للمنطقة العربية يأخذ بالاعتبار ضرورة إنقاذ الكيان الصهيوني في فلسطين من مأزقه الحالي، وإخضاع كامل الدول العربية؛ سواء بتقسيمها، أو خلخلة بنائها من الداخل لتهيئ المجال لتدجينها أمريكياً ... هذه الخريطة صنعها يهوديان بارزان في الإدارة الأمريكية هما «بول وولفتز» نائب وزير الدفاع الأمريكي، و