شهدت لعبد الواحد بن زيد دعوات كثيرة مستجابة، يشاهد فيها الإجابة، قال: ثم أنشأ مضر يحدثنا، قال: كان يجالسه نفر من قريش متعبدون، فأرادهم السلطان أن يدخلهم في بعض أعماله، فأتوا عبد الواحد بن زيد ذات يوم ونحن عنده فقالوا: يا أبا عبيد، هذا الأمير يريدنا على كذا وكذا.
وذكروا مع ذلك ضيقة في معيشتهم.
قال: فبكى عبد الواحد، وقال: يا أبه، أنتم إنما يهدي الضيق والفقر إلى أوليائه كرامة منه لهم.
قال: ثم حول وجهه واستقبل القبلة.
ثم قال: «اللهم باسمك الذي تكرم به من أحببت من أوليائك، وتلهمه الرفيع من أصفيائك، أسألك أن تأتينا برزق من لدنك، تقطع به علائق السلطان من قلوبنا، وقلوب أصحابنا هؤلاء عن السلطان.
فأنت الحنان المنان، وأنت قديم الإحسان، يا كريم» .
قال: فانتقض والله سقف البيت، حتى سمعته وتناثرت علينا الدنانير والدراهم.
فقال لهم عبد الواحد: شأنكم فاستغنوا بالله عن الأمراء.
قال مضر: فأخذ القوم وأخذت معهم، وما علمت أن أبا عبيدة أخذ منه شيئا ولا صار إليه ولا إلى أحد من أهله شيء من ذلك.