في هجرة جعفر إلى أبي طالب إلى الحبشة، وإكرام النجاشي له، بعد تأثره بما عرف من فضائل الإسلام، ولم يكن بيد جعفر سيف يحارب به؛ بل هاجر مجرداً من كل سلاح إلا سلاح الإيمان، ليجد في جوار النجاشي حماية وأمناً وسلاماً.
ويسمع النجاشي بالرسول الكريم، ويصيخ بأذنيه إلى القرآن الكريم، فيؤمن بالله وبرسله، ويحمي ضيوفه المهاجرين في رحابه، الذين حين جاءوا غليه حيوه بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة. فسألهم النجاشي بقوله: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من الملل؟ فقال جعفر: "أيها الملك كنا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوى منا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدق قوله وأمانته وعفافه، فدعانا إلى توحيد الله وأن لا يشرك به شيئاً، ونخلع ما كنا نعبده من الأصنام، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والداء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وأمرنا بالصلاة والصيام - وعدد عليه أمور الإسلام - فآمنا به وصدقناه، وحرمنا ما حرم علينا، وحللنا ما أحل لنا، فتعدى علينا قومنا فعذبوننا، وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان. فلما قهرونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك". فقال النجاشي: "هل معك مما جاء به عن الله شيء؟ " قال: "نعم" فقرأ عليه سورة مريم. فبكى النجاشي وأساقفته وقال النجاشي: "إن هذا والذي جاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة". وأرسل إليهم النجاشي فسألهم عن قولهم في المسيح فقال جعفر: "نقول فيه الذي جاءنا به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول". فأخذ