3

و (وات) من جهة أخرى يشير إلى إمكان اعتماد الأحاديث الأولى كمصادر تتمم المعطيات القرآنية في المساهمة لفهم تاريخ الفترة المكية..

وهذا أمر معروف ومتفق عليه.. إلّا أنّ الرجل ما يلبث بعد قليل أن ينقض هذه المقولة بالتشكيك في حجية الأحاديث هذه المرة، «ربما بدا في بعض الأحيان- يقول وات- أنني عمليا أقل تعلقا بالحديث من أولئك الذين هم أكثر منّي شكا فيه» (?) .

على الرغم من أنه كان قد طرح في مقدّمة كتابه نفسها موقفا أكثر اعتدالا من الحديث؛ حيث قال: «لما كنت أبحث في خلفية حياة محمد وفترته، فقد تقدّمت في الفكرة القائلة بأن الأحاديث يجب أن تقبل عامة، وأن تؤخذ بحذر، وأن تصحح قدر الإمكان في المسائل التي نشكّ فيها بوجود (تلفيق مغرض) ، ولكن يجب ألّا ترفض رفضا باتا إلّا إذا وقع تناقض داخلي بينها» (?) .

3

و (وات) أسوة بجلّ الباحثين الغربيّين، يأخذ بالمفهوم الغربي الحديث للنمو التاريخي للأديان، أي أنّ الرسول أو النبي يعمل وفق المقتضيات المرحليّة لكل فترة تاريخية، ومن ثم فإن منظوره للدين إنما هو وليد مواضعات تلك الفترة؛ فهو لا يملك- ابتداء- رؤية شمولية عن إبعاد دوره كنبي، وعن الملامح النهائية للعقيدة التي جاء لكي يبشر بها.. فمحمد صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال- ما كان يعرف في المرحلة المكية أن الدعوة الإسلامية هي دعوة عالمية، بل ما كان يعرف أنها دعوة للعرب جميعا، ولم يتبين له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015