على القول بأنه مبالغ في ذلك كثيرا (?) فهو يقول: «يجب على الباحث اليوم بعد اطلاعه على نزعات المؤرخين الأوائل ومصادرهم: أن يكون باستطاعته أن يحسب حساب التحريفات، وأن يقدّم الوقائع بصورة أمينة، ويجب أن يقابل الاهتمام (بالتسوية المغرضة) في الرواية القديمة الاعتراف بصحة المادة عامة، ولما كان عدد كبير من الأسئلة التي يهتم بها المؤرخ أواسط القرن العشرين لا يتأثر بتدخل (التلفيق المغرض) ؛ فليس هناك صعوبة في استخراج أجوبة على هذه الأسئلة من المصادر» (?) .
وهو يطرح هذا الافتراض: «من الصعب مثلا القول بأنّ روايات ابن سعد في الأنساب اختلاق محض، فمن ذا الذي تجشم مشقة اختلاق هذا الإطار المعقد؟ وما هي الأسباب؟ يضاف إلى ذلك أنه إذا كنا نحن الذين لا نهتم بالأنساب نعرف من أجدادنا أجدادهم حتى جيلين أو ثلاثة، فما هو المدهش في أن يعرف حتى العرب الشغوفون بالأنساب عن أجدادهم ستة أو ثمانية أو عشرة أجيال؟ لقد لقي جون فان أس طفلا يعرف خمسة عشر من أجداده» (?) ، وهو يصل عبر تحليله لقوائم المعارضين الوثنيين في مكة إلى هذا الاستنتاج المهم: «يتأكد إذن أن المؤلفين الذين وصلتنا مؤلفاتهم كانوا يملكون مادة تاريخية صحيحة، وقد استخدموها بذكاء» (?) .
ومع ذلك كله فإنّ (وات) مارس هو الآخر، وكما رأينا، نوعا من المبالغة في شكوكه، ونفيه الكيفيّ، وافتراضاته، ولا تكاد رواية من الروايات التي تتحدث عن العصر المكي تخرج من (مختبره) إلى ميدان القبول إلّا بصعوبة.. ونجد عبارات نقدية كهذه تتصادى في كتابه: «يبدو