وتخلّقت فعلا.. اللهم إلّا إذا كان هنالك هدف (مبيّت) يسوق الباحث إلى موقع كهذا.
وقد ناقشنا في مكان آخر مقولات (وات) آنفة الذكر، وبيّنّا أنها لا تقوم على أساس.. ولكننا هنا بإزاء شيء أكبر من التاريخ.. إننا بإزاء حركة عقيدية ونبوّة.. إنّنا بإزاء دين شامل جاء لكي يغير العالم، ويحلّ محلّ الأديان المحرّفة السابقة ويقود البشريّة إلى الصراط..
وإذا كانت الوقائع التاريخية (الاعتيادية) تتحمل عبئا كهذا الذي يجري تحت ستار العلم والنقد، والأكاديمية ... إلى آخره؛ فإن واقعة (النبوة) ترفض هذا العبث منذ اللحظة الأولى..
فنحن إزاء دين قادم من السماء، ونحن قبالة رجل مبعوث من الله سبحانه، ونحن إزاء تقابل بين الغيب والحضور التاريخي.. فإما أن نقبل هذه الحقيقة ونستسلم لها، فلا يكون حينئذ انشقاق، ولا عصيان، ولا مساومة، من قبل أناس اختاروا بأنفسهم، في ظروف في غاية القسوة والعناد، التسليم لكلمة الله، وجعل حياتهم ومستقبلهم، مجرد أدوات لتنفيذها وصيرورتها في العالم.. أو أن نرفض هذه الحقيقة فلا تكون أبحاثنا- ابتداء- تعاملا مع سيرة نبيّ وحركة جماعة من المنتمين لدين قادم من السماء، ولكنها افتراض ملفّق يسعى إلى أن يخضع الواقعة للمقولات نفسها التي تعامل بها سائر الوقائع والأحداث.
إن (وات) يأخذ على أقرانه المستشرقين إلحاحهم في النزعة النقدية، ويحاول أن يضع ضوابط منهجية تشكم هذه النزعة من أن تتحول إلى عملية هدم اعتباطي يشبع الأهواء الذاتية، ولا يقوم على أساس موضوعيّ وقد سبق أن مرّت بنا عبارته في هذا الصدد: «لقد أظهر الكتّاب الغربيون ميلهم لتصديق أسوأ الأمور عن محمد، وكلما ظهر أي تفسير نقدي لواقعة من