جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم..» (?) .
ولا يدري المرء كذلك أين يذهب برواية ابن سعد التي تقول: إن وفدا من زعماء قريش قدموا إلى أبي طالب ليلتمسوا إليه أن يكفّ ابن أخيه، فاستدعاه، وقال له: يا بن أخي هؤلاء عمومتك وأشراف قومك، وقد أرادوا أن ينصفوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا أسمع» !! قالوا: تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك، قال أبو طالب: قد أنصفك القوم فاقبل منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم إن أعطيتكم هذه، هل أنتم معطي كلمة إن أنتم تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم؟» ، فقال أبو جهل: إن هذه كلمة مربحة، نعم وأبيك لنقولنها وعشر أمثالها!! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «قولوا (لا إله إلّا الله) » فاشمأزّوا ونفروا منها، وغضبوا وقاموا وهم يقولون:
اصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد (?) .
ومن عجب أن (وات) يضع يده في أكثر من موضع من كتابه على إحدى الحقائق الأساسية للحركة الإسلامية؛ أن التغيير الديني يتمخّض بالضرورة عن تغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية (وسنتناول هذه المسألة فيما بعد) وكان يجب عليه من أجل أن يكون منطقيا مع هذه القناعة أن يؤكد حقيقة التغيير الشامل الذي ينتظر مكة على يد الدعوة الجديدة، لكنه يتّجه وجهة معاكسة تماما، فيطرح مقولته تلك: أن فتح مكة لم يغيّر سوى الميزات الثانوية.
وثمّة فرق بطبيعة الحال بين الاعتماد على نظرية الأسباب الاقتصادية التي يرفضها (وات) في تفسير تخوف المكيّين من الإسلام (?) . وبين أن