فأي وحي سابق هذا؟ وأية صلات مبكّرة ومستمرّة مع (ورقة) ؟ إن (وات) إذ يهدم جوانب من واقعة الوحي الأولى، مما أجمع عليه المؤرخون والمحدّثون؛ يعود فيفترض جوانب أخرى مما لم يشر إليه مؤرّخ أو محدّث، ثم هو يكشف عن انسياقه وراء منهجه النقدي المتشكّك بعبارة:
«من المغري أن نفكّر» .. كما أنه يمارس نوعا من المبالغة، أو التعميم، بعبارة: «وقد تأثرت التعاليم الإسلامية اللاحقة كثيرا بأفكار (ورقة) ..» دون أن يبين هذا التأثير أو أدلته على وجه التحديد.
2
وقد يتمخّض الشكّ في الرواية لدى (وات) من خلال المعطيات الزمنية التالية التي تحدث نوعا من الاتفاق العرضي بين تفاصيل الرواية وبين ما حدث فيما بعد، وقد يطاح بالرواية نتيجة هذا الاتفاق الذي يرى فيه (وات) قصدا متعمدا لتحقيق مصلحة، أو تمجيد شخصية، أو تنفيذ دعاية لهذه الشخصية أو تلك.
فمثلا «لما كان النبل يقوم مبدئيا في الإسلام على الإخلاص لقضية الأمة الإسلامية، فقد استغل المسلمون حقوق أجدادهم في النبل والكرامة، ولهذا يجب معالجة أخبار المسلمين الأول بحذر، فإذا ما وجدنا أن أحفاد شخص ما أو المعجبين به يعلنون أنه كان بين المسلمين العشرة الأوائل، فمن الحذر الافتراض أنه كان على الأغلب الخامس والثلاثين بينهم» (?) .
ومثلا قول الطبري: «إنه بعد هؤلاء الثلاثة الذين كانوا أول من انتمى للإسلام، يأتي عدد مهم من المسلمين الذين جاء بهم أبو بكر، موضع شكّ، لأن هؤلاء الرجال المذكورين هم في الحقيقة الخمسة الذين أصبحوا