يمكن أن تكون المسألة نسبيّة؛ فهو بالمقارنة مع غيره من المستشرقين الذين درسوا السيرة يعدّ- ولا شكّ- أقدرهم على النجاح في هذه المهمة.. ولكنه بالنسبة للمنظور الإسلامي، الأكثر أصالة واتساعا، لواقعة السيرة يبدو أسير حشد من الشكوك، وتخرج الصورة من بين يديه وقد أزيل منها الكثير من مكوّناتها الحقيقية الواقعية، وأضيف إليها- في الوقت نفسه- بعض ما لم يكن فيها أساسا!!
وفي قضية (الوحي) - على سبيل المثال- تعترضنا- يقول وات- صعوبة صغيرة فيما يتعلق بالتواريخ؛ فالكلمات التي تختتم أول ما نزل من الوحي:
(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) هي من الوحي السابق، ويفسر المسلمون القول السابق بأنه يعني (علم استعمال القلم) ، وليس لهذا من فائدة إذا كان محمد لا يعرف القراءة والكتابة، ويبدو (ورقة بن نوفل) من بين الذين اتصل بهم محمد لسبب معرفته بكتب المسيحية المقدسة. ولا شك أن المقطع القرآني حين ردّده محمد قد ذكره بما هو مدين به لورقة.
«ومن المغري (!!) أن نفكّر بأن هذا كان نتيجة لملاحظة ورقة بصدد الناموس، ولكن هذا يتطلب وحيا سابقا على مقطع (اقْرَأْ) ليغذي تلك الملاحظة، ولهذا من الأفضل الافتراض بأن محمدا كان قد عقد صلات مستمرة مع ورقة منذ وقت مبكر وتعلم أشياء كثيرة، وقد تأثرت التعاليم الإسلامية اللاحقة كثيرا بأفكار ورقة، وهذا ما يعود إلى طرح مشكلة العلاقة بين الوحي الذي نزل على محمد والوحي السابق له» «1» .
وسنعرض فيما بعد لمسألة الأخذ عن ورقة، وتأثر التعاليم الإسلامية اللاحقة (كثيرا بأفكاره) !