إذا كانت خديجة قد أنجبت ولدا في كل سنة «فإنها تكون في الثامنة والأربعين من عمرها عند ولادة الأخير، ليس هذا مستحيلا ولكنه غريب يثير التعليق، وهو من الأمور القابلة لأن تصبح فيما بعد معجزة» (?) .
والمسألة في أساسها لا تقتضي هذا التعقيد، فإن خديجة رضي الله عنها قد تكون أقل من الأربعين عمرا لدى زواجها، وقد تكون- فعلا- في الأربعين؛ لأنّ الإنجاب حتى الخمسين ليس مستحيلا.. لكن (وات) يا بني على هذه المسألة موقفا؛ وهو: «إننا لا نعثر على أي تعليق بهذا الصدد في كل صفحات ابن هشام وابن سعد والطبري» (?) . فكأن هؤلاء المؤرخين لا يملكون أي حس نقدي، كما أنه يلمح بموقف آخر: إن هذا من الأمور القابلة لأن تصبح فيما بعد معجزة، وبالتالي فإن أتباع الرسول أو الأجيال المسلمة عموما، تمتلك الاستعداد السهل لتحويل كل ظاهرة بعيدة عن المألوف بدرجة أو أخرى، إلى معجزة!!
عند بدء الدعوة يطرح (وات) هذا (المانشيت) العريض: «يوجد كثير من عدم الاطمئنان حول الظروف التي صحبت دعوة محمد، ومن الممكن إذا محّصنا أقدم الروايات أن ننتهي إلى رسم صورة عامة جديرة بالثقة، وإن كانت مختلفة التفاصيل ولا سيّما التواريخ غير الأكيدة» (?) .
لا بأس.. فما دام يشير إلى إمكانية رسم صورة عامة جديرة بالثقة، فإذا يمكن أن نتقبّل مبدئيا شكوكه حول الظروف التي صحبت الدعوة و (التفاصيل) و (التواريخ) .
ولكن هل نجح (وات) في بناء الصورة الجديرة بالثقة؟!