يحرض صعاليك العاصمة الحجازية وأرقائها عليه، وهذا على ما يظهر لي أحد أهم أسباب خلوّ السّور المدنية ولا سيّما تلك التي نزلت في الدور الأخير، من العبارات القارصة والطعن في سكان مكة (?) . وهناك سبب آخر لا يقل خطورة عن الذي ذكرناه الآن؛ وهو حالة النبي الاجتماعية في المدينة تغيّرت- كما هو معلوم- تغيرا ظاهرا أدّى إلى تغيير نفسيّته فكان من نتائج هذا التغيير ومن الأسباب التي ذكرنا بعضها وغيرها مما لم نذكر (؟) أن بعض إصلاحات النبي الاجتماعية والدينية جاءت مبتورة وفيها شيء مما يدعوه الأوربيون: التساهل» (?) .
ويمضي بندلي جوزي إلى القول: «بأن الدّور المكّي كان دور تمهيد واستعداد، دور بث دعوة جديدة بين طبقات الأمة، ودور حرب ونزاع كلاميّ بين رجل ثابت في مبادئه مخلص في عمله، وبين طبقة من الناس شعرت بالخطر على ثروتها وزعامتها في البلاد فهبت تقاوم ذلك الرجل وتناوئه.. دور جهود وأحلام لو تحققت كلّها لقلبت البلاد رأسا على عقب، ما أجمل هذا الدور وما أعظمه، وما أحلى تلك الأحلام والمساعي التي بذلت في تحقيقها، وأما الدور الثاني فكان دور عمل وتنظيم، ودور حروب وافتتاحات، ودور سياسة ومكاشفات أدت إلى تساهل من الطرفين، ومعنى التساهل في مثل هذه الثورات الاجتماعية هو التنازل عن بعض المطالب أو المبادئ أو التلطف في الطلب، والرجوع عن بعض الأفكار، أو وضعها في قالب يرضاه الفريقان، وهذا ما كان من