للعالم أجمع نصيب فيها، ولم يكن هناك غير إله واحد، كذلك لا يكون هناك غير دين واحد يدعى إليه الناس كافّة» (?) .
ولم يقف أرنولد وحده بمواجهة هذا الخطأ الواضح؛ إنما هناك كولدزيهر ونولدكه وسخاو الذي يؤكد: «إن الرسالة الإلهية ليست مقصورة على العرب، بل إن إرادة الله تشمل جميع المخلوقات، ومعنى ذلك خضوع الإنسانية كلّها خضوعا مطلقا. وقد كان لمحمد بوصفه رسولا من الله حق المطالبة بهذه الطاعة، وقد كان عليه أن يطالب بها، وهذا ما ظهر في أوّل الأمر جزآ لا ينفصل من جملة ما أراد تحقيقه من مبادئ» (?) .
ويرفض آرنولد الخطأ الآخر الذي يرى: «أن محمدا قد تحوّل إلى القوة بمجرّد أن واتته الظروف، وهو رأي قد صرّح به نقلا عن فلهاوزن بعض الباحثين، ولا سيّما ميور لدى حديثه عن غزوة بني قريظة» (?) .
إلّا أن آرنولد لم ينج من الوقوع في الخطأ نفسه عندما يقول: «كانت رغبة محمد ترمي إلى تأسيس دين جديد، وقد نجح في هذا السبيل ولكنه في الوقت نفسه أقام نظاما سياسيا له صفة جديدة متميزة تميزا تاما، وكانت رغبته بادئ الأمر مقصورة على توجيه بني وطنه إلى الاعتقاد بوحدانية الله» (?) .
إن فهم السيرة لا يمكن أن يتمّ إلّا وفق نظرة شموليّة تدرس حركة الإسلام كخطوات في برنامج شامل مرسوم في علم الله، ومحدد في قرآنه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن سوى منفّذ لهذا البرنامج بأسلوب يعتمد على قدراته وأخلاقيّته وذكائه وإمكاناته الفذّة في التخطيط والتنفيذ. وبالرغم من أنّ القرآن الكريم نزل منجّما، وراحت آياته تنزل على مكث لكي تلامس