وما قالوه حول اعتماد الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب (اللاعنف) في العصر المكّي، وتحوّله إلى القوة بعد أن شكّل دولة في المدينة وتجمّع حوله المقاتلون: «لقد كان في وسع محمد (يقول فلهاوزن) - من طريق عقيدة تتجاوز دائرة معتنقيها الدائرة التي ترسمها رابطة الدم- أن يحطّم رابطة الدم هذه؛ لأنها لم تكن بريئة من العصبيّة وضيقها، ولا كانت ذات صيغة خارجيّة عارضة. هذا هو الذي جعلها لا تتّسع لقبول عنصر غريب عنها، ولكن محمدا لم يرد ذلك، ومن الجائز أيضا أنه لم يكن يستطيع أن يتصوّر إمكان رابطة دينيّة في حدود غير حدود رابطة الدم» (?) .

ويرفض سير توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) هذه الرؤية الخاطئة فيقول: «من الغريب أن ينكر بعض المؤرّخين أن الإسلام قد قصد به مؤسّسه في بادئ الأمر أن يكون دينا عالميا برغم هذه الآيات البينات.. (?)

ومن بينهم السير وليم موير إذ يقول: إن فكرة عالمية الرسالة قد جاءت فيما بعد. وإن هذه الفكرة على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تؤيدها، لم يفكّر فيها محمد نفسه، وعلى فرض أنه فكّر فيها فقد كانت الفكرة غامضة؛ فإن عالمه الذي كان يفكر فيه، إنما كان بلاد العرب، كما أن هذا الدين الجديد لم يهيّأ إلّا لها. وأن محمدا لم يوجه دعوته منذ بعث إلى أن مات إلّا للعرب دون غيرهم، وهكذا نرى أن نواة عالمية الإسلام قد غرست، ولكنها إذا كانت قد اختمرت ونمت بعد ذلك فإنما يرجع ذلك إلى الظروف والأحوال أكثر منها إلى الخطط والمناهج» (?) .

ويجيب أرنولد: «لم تكن رسالة الإسلام مقصورة على بلاد العرب، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015