وقد يتوجب أن نسأل شبرنكر هنا: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد التقط اسم (محمد) من خلال قراآته لنبوآت الإنجيل، فأين ذهب- إذن- (محمد) الحقيقي الذي بشر به العهدان القديم والجديد؟!
هنالك مثل آخر: إن إسرائيل ولفنسون يشير، بصدد مهاجمة يهود بني النضير، إلى أنّ مؤرخي العرب يذكرون سببا آخر لإعلان الحرب على هذه الطائفة اليهودية، ذلك هو محاولتهم اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، (لكن المستشرقين يقول ولفنسون- ينكرون صحة هذه الرواية، ويستدلون على كذبها بعدم وجود ذكر لها في سورة الحشر التي نزلت بعد إجلاء بني النضير) (?) .
إننا في مجال التشكيك والنفي الاعتباطي لا بدّ أن نذكر العبارة التي قالها (مونتغمري وات) - موضوع هذه الدراسة- بهذا الصدد: «إذا أردنا أن نصحّح الأغلاط المكتسبة من الماضي بصدد محمد، فيجب علينا في كل حالة من الأحوال التي لا يقوم الدليل القاطع على ضدها، أن نتمسّك بصلابة بصدقه، ويجب ألاننسى أيضا أن الدليل القاطع يتطلب لقبوله أكثر من كونه ممكنا، وأنه في مثل هذا الموضوع يصعب الحصول عليه (?) .
ونحن نستطيع أن نضع أيدينا على عشرات بل مئات من الشواهد على النفي الكيفي الذي مارسه المستشرقون، وبخاصة أجيالهم السابقة، إزاء وقائع السيرة؛ فبروكلمان- على سبيل المثال- لا يشير إلى دور اليهود في تأليب الأحزاب على المدينة، ولا إلى نقض بني قريظة عهدها مع الرسول صلى الله عليه وسلم في أشد ساعات محنته، لكنه يقول: «ثم هاجم المسلمون بني قريظة الذين كان سلوكهم غامضا على كل حال» (?) ، ويتغاضى إسرائيل ولفنسون عن دور نعيم بن مسعود في معركة الخندق كسبب في انعدام الثقة بين المشركين