ودوزي وكيتاني ومارسين وغريم وغولد زيهر وغود فروا وغيرهم- في النقد أحيانا، فلم تزل كتبهم عامل هدم على الخصوص، ولا تزال النتائج التي انتهى إليها المستشرقون سلبية ناقصة ولن تقوم سيرة على النفي، وليس من مقاصد كتابي أن يقوم على سلسلة من المجادلات المتناقضة.. ومن دواعي الأسف أن كان الأب لامانس- الذي هو من أفضل المستشرقين المعاصرين من أشدّهم تعصّبا، وإنه شوّه كتبه الرائعة الدقيقة وأفسدها بكرهه للإسلام ونبيّ الإسلام، فعند هذا العالم اليسوعي أنّ الحديث إذا وافق القرآن كان منقولا عن القرآن؛ فلا أدري كيف يمكن تأليف التاريخ إذا اقتضى تطابق الدليلين تهادمهما بحكم الضرورة، بدلا من أن يؤكّد أحدهما الآخر» (?) .

إنّ هذا يقودنا إلى موقف بعض المستشرقين من القرآن الكريم كمصدر أساسيّ من مصادر السيرة، وذلك أن اعتماد القرآن الكريم في هذا المجال يمكن أن يعدّ سلاحا ذا حدّين، ويتمثّل الحدّ السلبيّ بنفي الكثير من أحداث السيرة ما دامت لم ترد في القرآن الكريم، وكأن القرآن كتاب تاريخي خاص بتفاصيل حياة محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا مكّنهم من عملية انتقاء مغرضة ذات طابع هدمي معاكس، وهي التشكيك، أو نفي كل رواية لم ترد مؤيداتها في القرآن، ولا سيّما إذا كان في هذه الرواية تمجيد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو كان في نفيها تأكيد لإحدى وجهات النظر الاستشراقية، فمثلا نجد شبرنكر يرى أن اسم النبي صلى الله عليه وسلم ورد في أربع سور من القرآن؛ هي: آل عمران والأحزاب ومحمد والفتح، وكلها سور مدنيّة، ومن ثم فإن لفظة (محمد) لم تكن اسم علم للرسول قبل الهجرة، وإنما اتخذه بتأثير قراءته للإنجيل واتصاله بالنصارى (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015