واليهود (?) ، ولعله يريد أن يوحي بذلك أن اليهود لا يمكن أن يخدعوا!

ليس الشكّ والنفي الاعتباطيّ وحدهما، ولكنه الاعتماد على الروايات الضعيفة الشاذّة التي قد لا تصمد أمام النقد: «لقد أخذ المستشرقون- كما يقول الدكتور جواد علي- بالخبر الضعيف في بعض الأحيان وحكموا بموجبه، واستعانوا بالشاذ والغريب وقدموه على المعروف المشهور. استعانوا بالشاذ ولو كان متأخّرا، أو كان من النوع الذي استغربه النقدة وأشاروا إلى نشوزه، تعمدوا ذلك لأن هذا الشاذ هو الأداة الوحيدة في إثارة الشكّ» (?) .

ثانيا: إسقاط الرؤية الوضعية، العلمانيّة، والتأثيرات البيئيّة المعاصرة على الوقائع التاريخيّة:

إنه من المتعذّر بل من المستحيل، كما يؤكّد آتيين دينييه «أن يتجرد المستشرقون عن عواطفهم وبيئتهم ونزعاتهم المختلفة. وأنهم- لذلك- قد بلغ تحريفهم لسيرة النبي والصحابة مبلغا يخشى على صورتها الحقيقية من شدّة التحريف فيها، وبرغم ما يزعمون من اتّباعهم لأساليب النقد البريئة ولقوانين البحث العلمي الجاد؛ فإننا نجد- من خلال كتاباتهم- محمدا يتحدّث بلهجة ألمانيّة إذا كان المؤلف ألمانيا، وبلهجة إيطالية إذا كان الكاتب إيطاليا.. وهكذا تتغير صورة محمد بتغير جنسية الكاتب! وإذا بحثنا في هذه السيرة عن الصورة الصحيحة فإننا لا نكاد نجد لها من أثر.

إن المستشرقين يقدمون لنا صورا خيالية هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، إنها أبعد عن الحقيقة من أشخاص القصص التاريخية التي يؤلفها أمثال (وولتر سكوت) و (إسكندر ديماس) ، وذلك أن هؤلاء يصوّرون أشخاصا من أبناء قومهم، فليس عليهم إلا أن يحسبوا حساب اختلاف الأزمنة، أمّا المستشرقون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015