منها: أن الإسلام منذ أن ظهر في مكة لم يضعف عدديا، بل كان دائما في ازدياد واتساع. ثم إن الإسلام ليس دينا فحسب، بل إن من أركانه الجهاد، ولم يتفق قط أن شعبا دخل في الإسلام ثم عاد نصرانيا» (?) .
والمستشرق الألماني بيكر يقولها بصراحة: «إن هناك عداء من النصرانيّة للإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدا منيعا في وجه انتشار النصرانيّة، ثم امتد في البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها» (?) .
2
وفي موازاة هذا التيّار الكهنوتي المتعصّب الذي يفتقد أيّ قدر من الرغبة في التعرّف على حقيقة الإسلام وشخصيّة النبي عليه الصلاة والسلام، وفي أعقاب عصر الإصلاح الدينيّ، وفيما بعد خلال عصر التنوّر وانفصال الدين عن الدولة، وحتى القرن العشرين، توالت على المسرح أجيال من المعنيّين بالدراسات الإسلامية عامة، وسيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم خاصّة، وقد عرف هؤلاء بالمستشرقين؛ كان بعضهم ينتمي إلى الكنيسة ويرتدي ملابس الكهنوت، ولكن كان أغلبهم مدنيا ولا تربطه بالكنيسة رابطة وظيفية.. وكان يتوقع أن تخف حملاتهم على رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأن تتغيّر نظرتهم في تعاملهم مع شخصيته وتاريخه وتعاليمه..
نعم، لقد حدث شيء من هذا، ولكنه ما تعدى التشذيب والتهذيب، وتجاوز كلمات الفحش والسباب، أما المنهج فقد ظلّ هو المنهج: جهلا بتركيب السيرة، وتعصّبا في التعامل معها، وتحليلات واستنتاجات ما أنزل الله