الفصل الخامس
النهضة الأوربية
لم يطلب الإسلام من الإسبان الذين دخلوا فيه إلا النطق بالشهادتين لقاء إعفائهم من الجزية والضرائب والخبايات، وترك للنصارى واليهود حرية الدين والشريعة والحكم، ما عدا أيام نفر من الخلفاء خضعوا لسلطان الفقهاء أو الأمراء الذين حملتهم الأغراض على التشبه بهم (?).
(1) واستعان الفاتحون أول ما استعانوا باليهود فولوهم كبرى المدن وقربوا المتعلمين منهم. فاستوزر عبد الرحمن الناصر ومن بعده الحكم الثاني الطبيب حسداي بن شبروط (945 - 970) زميل الزهراوي، والمعاون على نقل كتاب ديوسقوريدس في العقاقير الطبية، ثم استوزر الأمير حبوس في غرناطة الأديب صموئيل بن نجدله (1024) مؤلف كتاب القصص اليهودي، وصاحب أشهر المكتبات المعدودة (?). فاطمأن اليهود، بعد اضطهاد القوط، إلى سماح الحكام المسلمين، وأقبلوا على لغتهم: قواعد ومفردات وعروضاً وثقافة ينحون نحوها ويوازنون بها لغتهم لتحقيق تطورها التاريخي، ويفيدون من علم الكلام في إرساء الدراسات التلمودية، ويأخذون بفلسفتها فيشتهر منهم: ابن جبيرول (1021 - 1058) الذي تأثر في قصائده العبرية بالشعر العربي، وضمن فلسفة ابن مسرة في كتابه الرئيسي ينبوع الحياة (وقد ترجم إلى اللاتينية 1150، ثم ترجمه مونك بالفرنسية) وإصلاح الأخلاق (نشره متنا وترجمة إنجليزية ستيفن س. ويز نيويورك 1905) وموسي بن ميمون (المتوفى 1204) الذي احتل المقام الثاني بعد ابن رشد مواطنه ومعاصره، وصنف بالعربية في الطب والفلسفة ما خلا كتاب دليل الحائرين - وقيل دلالة الحائرين (حقق ترجمته جويستنياني، باريس 1520