بأقلام علماء الفرق والفلاسفة والمتصوفين، عصر إنتاج لإصلاح أخطائها واستكمالها، ووضع مذهب الاستقراء والقياس والتمثيل لها، والابتكار منها في تصانيف كانت أكبر دعائم النهضة الأوربية مكنتها، طوال ثلاثة قرون، من الرقى والتطور والتكامل، ورجعت إليها جامعاتها حتى القرن الثامن عشر، وما زال مستشرقوها يتناولونها بالتحقيق والترجمة والتأليف، فدخل علماؤها تاريخ الفنون والآداب، ولاسيما العلوم والفلسفة والمنطق، دخولاً فذاً: فعد الكندي، والفارابي، وابن سينا أشهر المتقدمين في الترجمات الفلسفية (?)، ولا غرو فالكندي (المتوفى 850) أول فيلسوف عربي اهتدى إلى الفلسفة اليونانية وحاول التوفيق بينها وبين الإسلام وصنف وشرح كثيراً، سلم أقلها، ومن رسائله: رسالة الموسيقي (برلين) والأدوية المركبة بترجمة لاتينية (ميونيخ) والمد والجزر (أكسفورد) واختبارات الأيام (ليدن) وتحويل السنين (الأسكوريال) وقد جعله روجر بيكون في كتابه المرئيات مع ابن الهيثم في مستوى بطليموس، ورفعه كروانو الإيطالي إلى مرتبة الاثنى عشر عبقرياً منذ ابتداء العالم حتى القرن السادس عشر. والفارابي (المتوفى 950) التركي الأصل، صنف نحو أربعين كتاباً أشهرها: فصوص الحكم، وإحصاء العلوم، والتعريف (نسخة خطية في الأسكوريال) ومختصر النواميس، وكتاب الموسيقى الكبير، والمدينة الفاضلة وكان أول كتاب عربي في العلوم السياسية، تلاها في الغرب كتاب الأمير (في أواسط القرن السادس عشر) وابن سينا (المتوفى 1037) الفارسي الأصل، وأعظم فلاسفة الإسلام وأغزرهم علماً قد أربت مؤلفاته على المائة (?) خيرها تسعة في الطب والفلسفة والمنطق والطبيعيات والرياضيات والفقه والفلك، طبعت مجموعة منها في فينا (1495) وحل كتابه القانون، بعد ترجمته إلى اللاتينية محل كتب جالينوس، والرازي، وطبع خمس عشرة طبعة لاتينية وواحدة عبرية (1473 - 1527) ثم اعتمدت المطابع ترجمة أندريا الباجو، ونشرت النص العربي في رومة (1593) واستمر مرجعاً في مونبلييه ولوفان إلى القرن السابع عشر وما زال لابن سينا صورة تزين القاعة الكبرى في كلية الطب بجامعة باريس.