وتركية وفارسية وعبرية- وإلى وثائق الدبلوماسية المرسلة إلى ملوك بولونيا ووزرائها من سلاطين تركيا وشاهات فارس وخواتين القرم وغيرهم من عظماء الشرق، فألفت مجموعة نفيسة. وقد ظهر أول تفسير للقرآن الكريم (1830) وأول ترجمة كاملة له بقلم جان بوزا كي بن الحاج يعقوب بوزاكي (1858) ثم تولى يعقوب شينكيفنش (المولود عام 1864) الإفتاء في بولونيا وليتوانيا، وترجم معاني القرآن الكريم بالإنجليزية، في عشرين مجلداً. وصنف بالتركية في قواعد لغتها، وبالبولونية عن العبادات وتعليم المسلمين الكتابة والقراءة العربية.
ولم تقف صلات بولونيا بالشرق الإسلامي على مسلميها. فقد توثقت بينها وبين تركيا- وبعضها في حروب متواصلة- واشتهرت أسر بولونيا يتوارثها اللغات الشرقية، ولا سيما التركية، وخلف أفراد منها مصنفات عنها: فترجم كريستوف دسيرسك الوثائق التركية، ووضع صمويل اوتفينوفسكي فهرس الوثائق الشرقية في المحفوظات الملكية، وترجم غلستان لسعدي- التي نشرها بعد مائتي سنة جانيوكي وكوروتنسكي 1879 - ومحطوطاً في وصف الإمبراطورية العثمانية لعوني على الخ وصنف باسكوفسكي تاريخ الأتراك والوقيعة بين القوزاق والتتر (كراكوفيا 1615) وترجم سايرسكي قصائد عربية، وستاركوفبيكي القرآن الكريم- وقد فقدت الترجمة- وغيرهم كثير. أما الذين كانوا في خدمة الدول الأجنبية فعديدون، ومن مشاهيرهم: على بك بوبوفسكي المترجم في البلاط العثماني.
ثم توسعت بولونيا في اصطناع المترجمين من الأرمن، وكانوا على صلات عديدة ومنتظمة بالشرق. ومن أسراها الذين أتقنوا اللغات الشرقية طوال سنوات رقهم. ومن الرهبانيات ولا سيما الآباء اليسوعيين وقد اشتهر بينهم مستشرقون أعلام. ثم استبدلت بالأرمن تراجمة متخصصين من الأوساط المشرقية، وعلى رأسهم انطوان لوك كرونا الذي عد خير مترجم للوثائق التركية في المحفوظات الملكية. ثم قصرت الترجمة على البولونيين فأنشأت مدرسية شرقية في استانبول (1766 - 1793) لتخريجهم على غرار فتيان اللغات الفرنسيين، حتى قضى عليها تقسيم بولونيا وتفرق خريجوها تحت كل سماء تفرق غيرهم من العلماء، وارتزق بعضهم بعلمه مثل لاشيفيكس الذي عمل في خدمة الإمبراطورية النمسوية.