عشرة حرباً حتى تم لها فتحها. فنشرت ثقافتها بين الطبقة المتعلمة باستضافة مئات الطلاب في جامعتها - خلا الآلاف الذين قصدوا جامعات أوربا وأمريكا فعادوا يترجمون الفنون والآداب والعلوم الغربية إلى اللغات الهندية. ويحيون التراث الهندي بما فيه الإسلامي، بمعاونة المستشرقين، عن طريق إنشاء الجامعات والمكتبات والمتاحف والمطابع والمجلات والجمعيات، فرتب وحقق وترجم وصنف فيه واستعاد تأثيره الأول: لقد كان أثر الفكر الهندي في ثقافات الأمم الأخرى شديداً في عهود ضعفها أو انهيارها أو نهضتها: فقال أفلاطون بتناسخ الأرواح، واستسلم زينون الصيداوي للقضاء والقدر، ووردت الأفلاطونية الحديثة من مناهل الهند. ونقل إلى العربية الكثير من مصنفاتها حتى إذا سقطت رومة وعطلت غزوات المغول الطرق البرية بين أوربا والهند تعثر تبادل الفكر بين الشرق والغرب خلال مئات الأعوام. إلى قيام الاستشراق فاستعادت الهند تأثيرها في كبار فلاسفة الغرب. فتصور فخته مذهباً مثالياً على غرار مثال شانكارا، وأوشك شوبنهور أن يدخل في فلسفته مذاهب البوذية واليوباتشاد والفيدانتا، وانتهى شلنج إلى القول بأن اليوباتشاد أنضج حكمة بلغها الإنسان، والتزم نيتشه مذهب التقمص حتى وفاته، واعترف العالم بطاغور وغاندي وإقبال الذين مزجوا بين الثقافتين الشرقية والغربية.

(ج) في الحبشة:

وجمع الإمام أحمد بن إبراهيم أمير هرر الأمراء المسلمين حوله، واستعان بالعمانيين المطلة مراكزهم على البحر الأحمر، وعقد معاهدة مع البندقية ثم غزا الحبشة (1529) وحاول إمبراطورها لبنادنجل رده فهزم هزيمة منكرة ودخل الإمام أحمد مدينة أكسوم فامتنعت عليه فأحرقها وحمل نفائس كنائسها وأرسل بأسراها فبيعوا رقيقاً في الأسواق.

وفي مطلع عام 1540 اجتاحت جيوش الإمام الحبشة كلها وقضى إمبراطورها الطريد نحبه، فرأى خليفته الإمبراطور جلوديوس الاستعانة بالبرتغاليين فأمدوه بأربعمائة وخمسين جندياً على رأسهم القائد كريستوفر دا جاما (1542) ولئن هزموا في الوقعة الأولى وأسر قائدهم فقد أوقعوا الهزيمة بجيوش الإمام وشجعهم النصر على اختراق جيوشه وإصابته بجرح مميت. ولما عاد الإمبراطور إلى قصره (1545)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015