أوعز بمذبحة نصاري نجران (451) - وكانت النصرانية على مذهبيها قد دخلت اليمن من سوريا. ثم بسفارة الإمبراطور قسطنطين (356) فقامت فيها ست أسقفيات، ذكر الكلبي بعضها باسم الكعبة (?) وكشف فيلبي عن كعبة نجران عام 1936 - فأمد إمبراطور القسطنطينية نجاشي الحبشة بالسفن والمؤن فسير على اليمن حملة أدالت دولة الحميرين وخلفتهم عليها (525 - 570) وبنت بيعة في صنعاء، وأحدث أحدهم فيها فقصد أبرهة قائد الأحباش مكة فرده عنها طير أبابيل (?) ثم عظم ظلم الأحباش فاستعان اليمنيون عليهم بالفرس فدحروهم (570) وحلوا محلهم حتى دخلت اليمن في الإسلام (630) وأجلى الخليفة عمر (635 - 636) من لم يسلم من نصاراها إلى الشام والعراق (?).
وأثرت اليمن، منذ الألف الأول قبل الميلاد، ثراء طائلا من حاصلات بلادها: كالأفاويه والبخور والمر. وكان لهما شأنهما في الشعائر الدينية الآسيوية والمصرية. وبعد تحويل كبرى مدنها إلى سوق دولية لمتاجر العجم والهند، وقد عدد منتجات الهند أبو الضلع السندي أحد الشعراء من الموالى (?) والصين والحبشة وسواحل أفريقيا، فزخرت بالؤلؤ والعاج والذهب والحرير والخمور، وفي تأمينها السفن والقوافل والطرق لنقل تلك المتاجر إلى أسواق الشرق الأدنى، مما عرف اليونان والرومان باليمن قبل غيرها فأطلقوا عليها، في نصوصهم: العربية السعيدة، وجعل المقدسي يضع ثبتاً دقيقاً لأنواع سلعها، وحمل المؤرخين على وصف عدن مرفأها بدهليز الصين وفرصة اليمن وخزانة الغرب ومعدن التجارات، وأجراها على أقلام أدباء الغرب فذكر كنوزها هوراس، وعطورها شكسبير، وسواحلها المليئة بالتوابل ملتن.
وسبقت اليمن إلى إنشاء حضارة وطنية راقية تتمثل في سد مأرب وصناعة البرود والسيوف وقد وصف سترابو دولة سبأ بقوله: «عندها مستحدثات الأدوات المصنوعة من الذهب والفضة ناهيك بمنازلها الفخمة التي ازدانت بالألوان ورصعت بالعاج