أوربا الغربي فبلغ بريتاني وجزر الكناري (المديرا) وفي ذلك يقول سارتون: «إن الملاحين الفينيقيين وخلفاءهم القرطاجنيين قد اضطلعوا بأعمال ... أكبر خطراً من تأملات الإغريق في اللانهاية أو في المنطقية الحسابية» (?).

ولكن تلك التأملات لم يستقل بها اليونان، فقد أسهم الفينيقيون في إنشاء الحضارة الكريتية، وتأسيس المدارس الأوربية وطبعها بالطابع الشرق. وتعاونوا مع زملائهم المصريين والفلسطينيين والسوريين على إبداع الثقافة الهليسيتينية، واشترك مشرعو مدرسة بيروت في صياغة القانون الروماني الذي عد أروع ما قدمته رومة للأجيال فاستندت إليه الثورة الفرنسية في وضع دستورها. وانتقلت النصرانية من فلسطين إلى رومة فأوربا فاهتدت بها إلى التوحيد بعد وثنية طويلة، وبلغ ثمانية شرقيين كرسي البابوية (?). وقد تميزت ثقافة الفينيقيين وخلفائهم وأحلافهم، بالإبداع والتنوع والاستمرار، وخلقها علماء وأبطالا وقديسين، من مشاهيرهم:

زينون الرواق (336 - 264 ق. م) من أصل فينيقي ولد في قبرص، وقصد أثينة (314) وأنشأ رواقاً فيها (301) ونشر جمهوريته (300) فأعجبت الجمعية الأثينية به وسلمته مفاتيح الأسوار وأهدته تاجاً من الذهب ... وقررت بناء قبر له في حي الرمكس، ولا توفي كتب على قبره: «لن يضيرك منبتك في فينيقيا ضيراً، ألم يأت قدموس - وتعزو اليونان نشأة كثير من مدنها إلى قدموس (?) وأمثاله، وكان قدموس أول من استخرج النحاس من مالطه وبني طيبه وصنف كتاباً في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015