بنفسه إمبراطوراً، وطلب من مجلس الشيوخ اتخاذ كراكلا إلهاً، ونفى أمه دومنا إلى أنطاكية حيث أضربت عن الطعام حتى ماتت.

وعادت شقيقتها الصغرى جوليا بائسة إلى حمص فألفت حفيديها: فاريوس أفيتوس بن بنتها جوليا سواتيمياس، والكسيانوس بن جوليا ماماتيا. وأشاعت جوليا أن فاريوس هو الابن الطبيعي لكراكلا وحاربت به مكرينوس وانتصرت عليه. فدخل فاريوس، وقد تلقب بلقب الغابالوس، رومة (218 - 222) فترك لجدته حكمها وراح يستمتع بالإمبراطورية على الطريقة الشرقية: رافعاً إله حمص فوق الآلهة، مكثراً من حفلات الموسيقى والغناء، مولماً ولائم، يخلط فيها قطع الذهب بالبازلا والعقيق بالعدس واللؤلؤ بالأرز، حتى إذا ضاقت جدته بعبثه حملته على أن يتبني قريبه الكسيانوس ويجعله قيصراً وخليفة، ثم ائتمرت به فاغتاله الحرس وألقوه في نهر التيبر ونادوا بالكسيانوس، ولم يتجاوز الرابعة عشر، هو الآخر، إمبراطوراً باسم الكسندر سفيروس.

وكان الكسندر سفيروس (222 - 235) المولود في عرقه من بلاد عكار بلبنان (208) بهي الطلعة كأسلافه، مثقفاً بالثقافة اليونانية واللاتينية، مقتصداً في طعامه وشرابه وكسائه، يستعين بأمه وأستاذه أولبيان في سياسته، ويعامل أعضاء مجلس الشيوخ معاملة الأنداد، ويضع في معبده صوراً لجميع الآلهة والرسل بمن فيهم إبراهيم والمسيح -فاستدعت أمه أوريجين أشهر علماء الإسكندرية ليفسر للناس أصول النصرانية- وقد حرم الدعارة وخفض الضرائب وأنقص الفائدة وأقرض الفقراء وشاد المنشآت العامة في جميع أنحاء الإمبراطورية فعمها الرخاء. إلا أن الفرس والألمان طمعوا فيه فقاتل أردشير وانتصر عليه، وانطلق للقاء قبائل الألمان والمركمان في بلاد غاليا الشرقية وطفق يفاوضها للإبقاء على السلم، فعد جنوده مفاوضته ضعفاً منه واستسلاماً لأمه فاقتحموا عليه خيمته وقتلوه هو وأمه وأصدقاءه (235) وبموته عفى على حكومة رومة الدستورية وبدأت فيها الفوضى العسكرية.

لم يقتصر الفينيقيون على ما تقدم، فقد اشتقوا من الأبجدية المصرية أبجدية - ترقى إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد كشف عنها شيفر الفرنسي في أوغاريت وهو اسم القصر الملكي في رأس شمره قرب اللاذقية (1932 - 61) - ونشروها

حيث حلوا نشرهم في أوربا حضارة الشرق كالمقاييس والموازين وبناء السفن وعلم الفلك. وعنهم اقتبس العبرانيون لكتاباتهم المقدسة، كسفر الأمثال، والمزامير، ونشيد الإنشاد وغيرها. واشتقت اللغات الغربية اسم الكتاب المقدس من بيبلوس.

وكان القرطاجنيون أول من كشف عن المحيط الأطلسي فقطع هنون حاكم قرطاجنة (490) إزاء شاطئ أفريقيا الغربي، مسافة 2600 ميل، قبل البرتغاليين بألفي سنة. وانطلق هيميلكون في بعثة استكشاف إلى ساحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015