الفصل السادس والعشرون
جهود متصلة ومشتركة
وللمستشرقين جهود متصلة عن الشرق العربي فتحت صفحات جديدة في تاريخ العالم، واهتدى بها كنظم ومناهج ووسائل في الحركة الثقافية، ورجع إليها أصولاً وأمهات وأسانيد، ومن أشهرها:
في عام 1508 نزل لودفيشودي بارتها وهو بحار إيطالي، بميناء عدن، فاعتقل في جبل على مسيرة ثمانية أيام منها مدة ثلاثة شهور، ولا أفرج عنه طوف باليمن وخلف عن أحوالها تقريراً ضافياً.
وفي عام 1712 أرسلت شركة فرنسية سفينتين تجاريتين إلى ما فاستدعى إمام اليمن طبيب البعثة، وعندما شني على يده استضافه مع صحبه نحو شهر في قصره. وقد وصف تلك الرحلة أحد أعضائها جان دي لاروك وصفاً تضمن الكثير عن حريم الإمام وحفلات الزفاف (باريس 1716).
وفي عام 1761 قامت بعثة دانمركية إلى جنوب بلاد العرب (?) فبلغت مواطن من اليمن لم تطأها قدم أوربية من قبل، وجلت جغرافيتها جلاء مبيناً وأغرت، بنماذج خرائبها ونقوشها، العلماء على التنقيب عن حضاراتها القديمة. وما زال كتاب رحلة نيبهر مصدراً حتى يومنا هذا.
وفي صيف عام 1810 قصد زتسن انيمن وطوف فيها فعثر على النقوش التي أشار إليها نيبهر بالقرب من المدينة الحميرية ذمار، فنسخ الكتابات العربية الجنوبية الأولى، وهي عبارة عن خمس قطع صغيرة. وعندما بلغ ما اعتقد القوم أنه ساحر، فما ترك، وقافلته المحملة بمجموعاته، مخاحتى اختفى. فمن قائل إن العرب قتلوه بالقرب من مدينة تعز، ومن قائل إن الإمام أمر بدس السم له في صنعاء وهناك لقي حتفه.