إلا ما أمر به فإن ذلك هو عبادة، ولا يستعين إلا بالله، فإذا أوجب هو بنفسه أو حرم هو بنفسه خرج عن الأول، فإن وثق بنفسه خرج عن الثاني، فإذا أذنب بعد ذلك فقد يتوب بعد الذنب فيعينه حينئذ وقد يكون له حسنات راجحة يستحق بها الإعانة، وقد يتداركه الله برحمته فيسلم أو يخفف عليه، والتوبة بفعل المأمور وترك المحظور في كل حال بحسبه، ليست ترك ما دخل فيه، فإن ذلك قد لا يمكنه إلا بذنوب هي أعظم من ذنوبه مع مقامه، فتدبر هذا.
والمبتلى من غير تعرض قد يفرط بترك المأمور وفعل المحظور حتى يخذل ولا يعان فيؤتى من ذنوبه، لا من نفس ما ابتلي به، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [155/3] ، وهذا كثير أكثر من الذي قبله، فأما المؤمنون الذين لم يكن منهم تفريط ولا عدوان فإذا ابتلوا أعينوا.
قال: وقد تبين أن التعرض للفتن بالإيجاب والتحريم بالعهود والنذور وطلب الولاية وتمني لقاء العدو ونحو ذلك هو من الذنوب انتهى كلامه (?) .
لا يعلم العدل والظلم إلا بالعلم، فصار الدين كله، العلم والعدل، وضد ذلك الظلم والجهل، قال الله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ
إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [72/33] وذلك يقع من الرعاة تارة، ومن الرعية تارة، ومن غيرهم تارة، فإن من العلم والعدل المأمور به الصبر على ظلم الأئمة وجورهم، وكما هو من أصول أهل السنة والجماعة، وكما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث المشهورة عنه، كما قال: "إنكم