على قوتهم الأرز والسمك، وهذا الذي يحمل منهم من العسل والشمع إنما يحمل إليهم من ناحية الروس وبلغار، وكذلك هذه الجلود الخز- التى تحمل إلى الآفاق- لا تكون إلا فى تلك الأنهار، التى بناحية بلغار والروس وكويابه، ولا تكون فى شىء من الأقاليم فيما علمته. والنصف الشرقىّ من الخزر فيه معظم التجار والمسلمين والمتاجر، والغربىّ خالص «1» للملك وجنده «2» والخزر الخلّص. ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية، ولا يشاركه لسان فريق من الأمم.
وأما نهر إثل فإنه فيما بلغنى يخرج من قرب خرخيز، فيجرى فيما بين الكيماكيّة والغزّية، وهو الحد بين الكيماكيّة والغزّية، ثم يذهب غربا على ظهر بلغار، ويعود راجعا إلى ما يلى المشرق حتى يجوز على الروس، ثم يمر على بلغار ثم على برطاس حتى يقع فى بحر الخزر، ويقال إنه يتشعب من هذا النهر نيّف وسبعون نهرا، ويبقى عمود النهر يجرى على الخزر حتى يقع فى البحر، ويقال إن هذه المياه إذا كانت مجموعة فى نهر واحد أعلاه يزيد على جيحون، ويبلغ «3» من كثرة هذه المياه وغزارتها أنها تنتهى إلى البحر، فتجرى فى البحر داخلا مسيرة يومين، وتغلب على ماء البحر حتى يجمد فى الشتاء لعذوبته وحلاوته، ويبين فى البحر لونه من لون ماء البحر.
وللخزر مدينة تسمى سمندر فيما بينها «4» وبين باب الأبواب، لها بساتين كثيرة، ويقال إنها تشتمل على نحو من أربعة آلاف كرم إلى حد السرير، والغالب على ثمارها الأعناب، وفيها خلق من المسلمين، ولهم بها مساجد، وأبنيتهم من خشب قد نسجت، وسطوحهم مسنّمة، وملكهم من اليهود قرابة ملك الخزر، وبينهم وبين حدّ السرير فرسخان، وبينهم وبين صاحب السرير هدنة.
والسرير هم نصارى، ويقال إن هذا السرير كان «5» لبعض ملوك الفرس، وهو سرير من ذهب «6» لبعض ملوك الفرس، فلما زال ملكهم حمل إلى السرير، وحمله بعض ملوك الفرس، بلغنى أنه من أولاد بهرام جوبين، والملك إلى يومنا هذا فيهم، ويقال إن هذا السرير عمل لبعض الأكاسرة فى سنين كثيرة. وبين السرير وبين المسلمين هدنة «7» ، ولا أعلم فى عمل الخزر مجمع ناس سوى سمندر «8» .
وبرطاس هم أمة متاخمون للخزر، ليس بينهم وبين الخزر أمة أخرى، وهم قوم مفترشون على وادى إثل، وبرطاس اسم الناحية، وكذلك الروس والخزر والسرير اسم للمملكة لا للمدينة ولا للناس.