مضيت على حدود جرجان وطبرستان والديلم والجيل، ثم «1» تدخل فى حدود الرّان، وإذا جزت موقان إلى باب الأبواب على يومين فهو بلد شروان شاه، ثم تتجاوزه إلى سمندر أربعة أيام، ومن سمندر إلى إثل سبعة أيام مفاوز. ولهذا البحر بناحية سياكوه زنقة يخاف على السفن الداخلة بها الريح أن تنكسر، وإذا انكسرت السفن هناك لم يتهبأ جمع شىء منها من الأتراك، فإنهم يستولون على ذلك.
وأما الخزر فإنه اسم «2» «الإقليم، وقصبته تسمى إثل، وإثل اسم» النهر الذي يجرى إليه من الروس وبلغار؛ وإثل قطعتان: قطعة على غربىّ «هذا النهر المسمى» إثل وهى أكبرهما، وقطعة على شرقيّه، والملك يسكن فى الغربىّ «منها؛ ويسمى الملك بلسانهم» بك، ويسمى أيضا باك، وهذه «القطعة مقدارها فى الطول نحو فرسخ، ويحيط بها سور» إلا أنه مفترش البناء، وأبنيتهم خركاهات «لبود إلا شيئا يسيرا بنى من طين، ولهم أسواق» وحمامات، وفيها خلق ومن المسلمين، يقال إنهم يزيدون على «عشرة آلاف مسلم، ولهم» نحو ثلاثين مسجدا، وقصر الملك بعيد من شط النهر، وقصره من آجر، وليس «لأحد بناء من» آجر غيره، ولا يسوغ الملك لأحد أن يبنى بالآجر، ولهذا السور أبواب أربعة، منها إلى ما يلى النهر ومنها إلى ما يلى الصحراء على ظهر هذه المدينة، وملكهم يهودى يقال إن له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل؛ والخزر مسلمون ونصارى ويهود وفيهم عبدة أوثان، وأقل الفرق اليهود، وأكثرهم المسلمون والنصارى، إلا أن الملك وخاصّته يهود. والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم، وأحكام خصّوا بها على رسوم قديمة مخالفة «3» لدين المسلمين واليهود والنصارى، وللملك من الجيش اثنا عشر ألف رجل، وإذا مات منهم رجل أقيم آخر مكانه، وليست لهم جراية دارّة إلا شىء نزر يسير، يصل إليهم فى المدة الطويلة، إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر يجتمعون له. وأبواب مال هذا الملك من الأرصاد وعشور التجارات، على رسوم «4» لهم من كل طريق وبحر ونهر، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحى من كل صنف، مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك؛ وللملك سبعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه، وإنما يصل إلى هؤلاء الحكام، وبين هؤلاء الحكام- يوم «5» القضاء- وبين الملك سفير يراسلونه فيما يجرى من الأمر «6» وينتهون إليه، فيرد عليهم أمره ويمضونه؛ وليس لهذه المدينة قرى إلا أن مزارعهم مفترشة، يخرجون فى الصيف فى الزروع نحو عشرين فرسخا ليزرعوا، ويجمعوا بعضه على النهر وبعضه على الصحارى، فينقلون غلّاتهم بالعجل وفى النهر، والغالب